عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
السبت ١١ أغسطس ٢٠١٨
طلاب الفلسفة والعلوم السياسية يعرفون المفكر الألماني يورغن هابرماس باعتباره أشهر من رسخ لمفهوم الفضاء العام، الذي هو الفضاء الوسطي بين المجتمع المدني والدولة أو السلطة والذي يوجد فيه أفراد المجتمع لإدارة النقاشات والحوارات فيما بينهم، إنه أيضاً المكان المتاح مبدئياً لجميع المواطنين، في أي مكان، حيث بإمكانهم الاجتماع لتكوين رأي عام قائم على قواعد الحوار والمناقشة العامة والحرة، هذا التعريف للفضاء العام طاله في وقتنا الحالي الكثير من التغيير بسبب التبدلات التي أصابت مجمل الحياة البشرية وذلك بسبب ثورة التكنولوجيا! لقد تجلى ذلك الفضاء بشكل واضح في إنجلترا نهاية القرن السابع عشر، وفي فرنسا نهاية القرن الثامن عشر في بلاطات الملوك تحديداً، ثم انتقل النقاش العمومي إلى الصالونات والمقاهي ثم إلى النوادي الأدبية، وتالياً عبر الصحف والمسرح وحفلات الموسيقى العامة، وتدريجياً احتكرت المقاهي هذا الدور في كل مكان عندما اتخذ الكتاب والأدباء أماكن ثابتة فيها يتحلق حولهم الاتباع والمريدون والطلاب، كما كان يحدث في مقاهي فرنسا في أوروبا ومقاهي…
محمد الرميحيمحمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت
السبت ١١ أغسطس ٢٠١٨
لديَّ قناعة بأن الموضوع الذي أتحدث فيه اليوم لن يعود إليه أحد. ربما هي جملة استفزازية، فقط من أجل إثارة الرغبة لدى البعض، بأن ينظروا إلى الفكرة التي أريد أن أطرحها، وربما يعودون إليها مساهمة في إغناء التفكير بصوت عالٍ، من أجل خلق «حوار نشط» في فضائنا الثقافي العربي، الهدف هو أن نعيد به تقليداً سارت عليه ثقافات أخرى، وأنتج كثيراً من الإيجابيات، وهو الحوار العلمي الندي فيما يكتب وينشر، من أجل الوصول إلى قناعات مشتركة. في هذا الشهر، وفي الأول منه، نشر السيد عمرو موسى في هذه الجريدة، مقالاً كان عنوانه «التلصيم»، وبعد أربعة أيام نشر عبد الرحمن شلقم، في الجريدة نفسها، مقالاً بعنوان «الوضع العربي... مراجعة المفاهيم» ما لفتني أن كلا الاثنين واحد، وإن تناولاه من زوايا مختلفة. إلا أن مناقشة ما يطرح من أفكار في ساحة الفكر العربي، افتقدت كثيراً وطويلاً، المناقشة الجادة، والأخذ والرد فيما يقال، وكأننا جميعا «جزر» (مع استثناءات قليلة) بها أفراد يصيحون في…
السبت ١١ أغسطس ٢٠١٨
العالم كله منشغل بالموقف السعودي الجريء والنوعي الذي جاء ردا على التدخلات الكندية السافرة في الشأن السعودي. وتكاد تدور مختلف التحليلات الإعلامية حول كون الموقف السعودي جاء صادما ومخالفا لأقصى التوقعات، وأنه يمثل رسالة سعودية للعالم بشأن الملف الأكثر عرضة للانتقاد وهو ملف حقوق الإنسان، لكن العامل المشترك بين كل تلك التعليقات مستوى الصدمة الكبير وغياب أي قراءة جديدة مقنعة. يحدث كل ذلك لأن العالم كله اعتاد أن منطقتنا سيئة الصيت في العالم اعتادت على شخصية التلميذ البليد الذي يتلقى التأنيب والتقريع يوميا من منظمات وهيئات حقوق الإنسان في العالم بينما يكتفي بالصمت والتبرير أحيانا. لم يحدث أن كان ملف حقوق الإنسان ملفا نزيها وصادقا، لقد تحول إلى وسيلة من وسائل الضغط والتوظيف السياسي، وتشكلت عبر مختلف البلدان الأوروبية جماعات ومنظمات ترضخ لسيطرة الجهات الممولة وتلعب وظيفة رئيسية تتمثل في اللعب بالورقة الحقوقية. العامل الآخر في فساد تلك المنظمات ما يمكن وصفه بالفساد المعرفي والثقافي؛ إنها منظمات تقليدية في الغالب…
السبت ١١ أغسطس ٢٠١٨
كلنا ذلك الكائن المسكون بتجارب طفولته، المعجون بسعادتها وشقائها ومازال، فهي تقطن في بطن الذكريات وتتشرنق بداخله، لذلك غالباً ما يكون لدينا حنين لكل شيء مضى، ونظل ننمو ونكبر ونعبر عنها بكل الطرق التي نجيدها، ولكن ماذا لو شرحت لك عزيزي القارئ عن شعوري بـ اللامكان في السفر وعن مشاعري وأحاسيسي الحديّة تجاه الحياة، وعن حالة عقلية لا يستوعبها إلا حكيم أو مجنون. عندما أفتقد لغة التواصل مع الآخر تصبح الحياة مرعبة كظلمات اللجج، وهنا تأتي لغة الموسيقى كموشحات أندلسية تندلق أصواتاً عذبة تغني بحزن وعمق كنفوسنا الشرقية التي لا تجيد غير تجارة الحزن، فنحس بأرواحنا تستريح وكأنها تحت سنديانة وارفة الظلال. وهذه الأرواح لها من أحزانها نصيب ومن حسراتها ما يشغلها عن بؤس الآخر، فالحياة تصبح أحياناً كالجواد الحرون لا تتقدم ولا تتأخر تقف بين البين بكل بلاهة، ومع أننا نحن البشر قد نكون غرباء جغرافياً إلا أن الأرواح المتشابهة تلتقي باتجاه النمو والترابط، فلا شيء يردع روحاً تحن…
الثلاثاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٨
خاص لـ هات بوست : بعد جهد لعشرين عام ونيف صدر كتابي الأول "الكتاب والقرآن" في عام 1990، ولاقى وما زال هجوماً شديداً من "رجال الدين"، وأقسم بعضهم أن مؤلفيه هم مجموعة من اليهود الصهاينة الذين يريدون تخريب الإسلام من داخله، والذين لم يجدوا طريقة لنشره سوى أن أتبناه وأنشره باسمي، ولا أعرف السبب الذي دعاهم لاختيار دكتور مهندس رغم وجود عشرات الآلاف من خريجي العلم الشرعي، وكنت قد آليت على نفسي ألا أضيع وقتي بالرد، وأن أمضي قدماً واضعاً نصب عيني قوله تعالى {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} (الرعد 17)، لكن ما كان وما زال يلفت انتباهي أن معظم ما قدمته لا يلقى اعتراضاً فجاً إلا حين يقترب من المرأة، إذ يمكن أحياناً التغاضي عن الكثير من الأساسيات التي وجد الناس عليها آباءهم واستمرأوها، طالما أن أحداً لن يجبرهم على تغيير قناعاتهم، لكن ما أن تقترب من موضوع المرأة حتى تثار حفيظة الصامتين،…
الثلاثاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٨
«كثر شاكوك وقل شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت»، قالها عمر بن عبدالعزيز في خطابه إلى والي الحجاز قبل قرون مضت، وفي السياق نفسه تأتي تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتحرك المياه الراكدة في الوزارات والمؤسسات الاتحادية. تغريدة الشيخ محمد، التي تحدث فيها عن مستوى الرضا الوظيفي وتدنيه في بعض الجهات، تعني ألا يقتصر التميز على الخدمات المقدمة إلى الجمهور فحسب، بل هناك الشريك الآخر في هذا التميز، المتمثل في الموظفين، ومتى ما كانت نسبة الرضا الوظيفي عالية، فإن ذلك يجعل بيئة العمل مشجعة على الإبداع والتميز، وما غير ذلك يجعلها مرتعاً للموظفين المحبطين. نسمع عن بعض الممارسات لشخصيات في مواقع رسمية، تبرع في «تطفيش» المواطنين، وتدفع بالعديد منهم إلى تقديم استقالاتهم، بسبب التعامل الفظ أو الاستعلائي، وعدم إعطاء الموظف أي فرصة للإبداع، وغياب الحوافز والترقيات، والتعاقد مع خبراء أجانب برواتب كبيرة، فيصير هؤلاء «الخبراء» أصحاب القرار، بمباركة وتخويل…
الثلاثاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٨
كل شيء قابل للأخذ والرد، والنقاش والتفهم في الأعراف الدولية، إلا ما يتعلق بمبدأ سيادة الدول، فهذه خطوط لا مقامرات أو عبث بها، ولا تهاون في التعاطي معها، ولا يمكن أخذها على محمل حسن النيات، على الإطلاق، وتحت أي ظرف. المملكة من الدول الواضحة جداً في التقاطع مع الدول الأخرى، لديها مبدأ شفاف وواضح، يمكن تلخيصه بـ «عدم التدخل بشؤون الآخرين»، وتنتظر في الوقت نفسه الأمر ذاته منهم، وهو المتوقع من الحكومات التي تحترم أبسط الممارسات الدبلوماسية. لا يمكن تجاهل بيان «الخارجية الكندية»، الذي أردفته بتغريدة سفارتها بالرياض، أو المرور عليهما بصمت، بل كان ذلك يستلزم موقفاً صارماً وجاداً، لذلك سحبت الرياض سفيرها، وجمدت علاقاتها التجارية مع كندا، علما أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وكندا خلال الـ 10 سنوات الأخيرة بلغ نحو 134 مليار ريال حيث استقبلت السوق السعودية سلعاً كندية بقيمة تقدر بنحو 60 مليار ريال، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، ما يعني أن هناك ضرراً…
الثلاثاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٨
هناك نحو 18 أميركياً في سجون تركيا، وفي المقابل، وفي أحد سجون أميركا يقبع مسؤول مصرفي تركي كبير تتهمه واشنطن بعملية غسل أموال إيرانية. وفي الشهر الماضي حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائبه، كلٌّ منهما في تغريدة له، بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا ما لم تطلق سراح القس المسجون عندها. ورغم الخلافات إلا أن هذا لم يمنع ترمب من التوسط لدى إسرائيل وإطلاق سراح تركية اتهمت بإيصال أموال لحركة «حماس»، الأمر الذي لم يعجب الصحافة الإسرائيلية فاتهمت نتنياهو بأنه رضخ لطلب ترمب عندما كلمه هاتفياً في يوم 14 يوليو (تموز) الماضي، وفِي يوم 16 أطلق سراح المتهمة التركية وسمح لها بالسفر من دون مقابل. والفصل الأكثر إثارة في أزمة المساجين إسقاط واشنطن الأحكام والإفراج عن 11 من حراس إردوغان الذين اتهموا بضرب المتظاهرين خلال زيارته لواشنطن في مايو (أيار) الماضي. ويبقى المطلوب الأول تركياً، الشيخ فتح الله غولن الذي تريد الحكومة التركية من واشنطن تسليمه لها، وحالياً يقيم في ولاية…
الثلاثاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٨
«يا شباب الوطنْ لبّوا نداكمْ واحموا الدار ضد الطامعين» كأنّ منتسبي الدفعة العاشرة للخدمة الوطنية قرأوا هذا المطلع لقصيدة شهيرة للشيخ زايد، طيب الله ثراه، وقد انتظموا في طوابير التجنيد، في أكبر برنامج وطني لاستيعاب طاقات الشباب، واستثمارها لمصلحة البلاد وأبنائها وبناتها، فالخدمة العسكرية شرف وزهو، ثم تربية وتثقيف وتأهيل، واستيعاب لمكونات الهوية الوطنية ومرجعياتها الثقافية والاجتماعية. الصور التي بثتها وسائل الإعلام، أمس، لمنتسبي الدفعة الجديدة، أظهرت ارتفاع المعنويات بالتعبير العسكري، والحماسة العالية لخوض تجربة الصقل والتدريب داخل المعسكرات وثكنات الجنود، بالمعنى الوطني الذي يشكل الدوافع والرغبات، لتكون المهمة على قدر التحدي. لقد استوعب الشباب الأبعاد والأهداف التنموية للخدمة الوطنية، ولا أدل على ذلك من استمرار الإماراتيات بالتطوع، وإقبال المرشّحين على مراكز التجنيد منذ الدفعة الأولى، وساهمت التعليمات الجديدة في جذب مزيد من الشباب إلى ميادين الشرف والبطولة، ذلك أنّ مدة الخدمة الوطنية باتت 16 شهراً لحملة الشهادة الثانوية، وما فوقها، وثلاث سنوات لمن حصلوا على تعليم يقلّ عن الثانوية،…
الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٨
لم تحظَ نظرية في الإدارة الحديثة بالاهتمام الذي حظيت به نظرية إدوارد ديمنج، الأب الروحي لإدارة الجودة الشاملة، وقد ولد ديمنج عام 1900، وتوفي عام 1993، وهو مهندس أميركي حصل على الدكتوراه في الرياضيات والفيزياء، بجانب الكثير من درجات الدكتوراه الفخرية، والتكريم من جهات ومؤسسات عالمية، ومن إمبراطور اليابان، ويكفي أن أول جائزة للجودة في العالم أطلقت في اليابان حملت اسمه، وقد ذهب ديمنج إلى اليابان بعد الحرب العالمية، بعد تدمير اليابان، ليساعد المهندسين والعلماء على تبني المنهج الذي نادى به في الولايات المتحدة لأكثر من 20 عاماً دون مجيب، وعلى النقيض، فقد فتح له اليابانيون عقولهم وقلوبهم، وطبّقوا نظريته المشتملة على 14 مبدأً، تشكل منهجية متكاملة وخريطة طريق لتطبيق الجودة في أي منشأة، أياً كان نشاطها أو حجمها. وتركز مبادئ ديمنج الـ14 على الاهتمام بالعنصر البشري، لأنه جوهر وعمود العملية الإنتاجية في كل المؤسسات، ودون الاهتمام بالبشر فالنتيجة هي الفشل المؤكد. من ناحية أخرى، كان ديمنج من أوائل من…
الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٨
مثير جداً شأن التاريخ، ذلك أنه وإنْ كانت أحداثه لا تتكرر حرفياً إلا أنها تتشابه ولا شك عبر الأزمنة والعصور، ولعل أصوات الجماهير الإيرانية التي خرجت في مدينة قُم الإيرانية في الساعات الأخيرة تطالب المرشد الإيراني على خامنئي بأن يتنحى، لم تكن إلا رجع صدى لا يتلكأ ولا يتأخر لما هتفت به الجماهير المصرية في يونيو (حزيران) 2013 عندما طالبت بسقوط حكم مرشد الإخوان المسلمين، ويبدو أن هذا هو مصير الأنظمة الثيولوجية، سواء كان ذلك في أوروبا القرون الوسطى أو في الشرق الأوسط. خلال ساعات قليلة يبدأ نظام الملالي مواجهة المرحلة الأولى من العقوبات الاقتصادية الأميركية، وخلال ثلاثة أشهر سوف ينقطع الحبل السُّري المصرفي والبنكي الذي ملأ جيوب الملالي طوال أربعة عقود، وقتّر على الإيرانيين تقتيراً كبيراً، ما جعل الجماهير تكفر بكل الشعارات التي روّجتها ثورة الخميني منذ عام 1979 وحتى الساعة. المشهد الأميركي يكاد يصيب إيران في مقتل من دون إطلاق رصاصة واحدة، إذ باتوا غير قادرين على معرفة…
الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٨
لم يكن خروج سفر الحوالي المقعد والمريض لعشر سنوات مضت، وما رافق تلك العودة من نشر لكتابه المثير للجدل «المسلمون والحضارة الغربية»، والاحتفاء المريب به من مثلث الشر «قطر، الإخوان، القاعدة» صدفة كما أريد لنا أن نفهمها، كما لم يكن خروج حمزة بن أسامة بن لادن وعودته للأضواء بتلك العدائية والغرور والصدامية والدعوة للقتل وسكب الدماء هي الأخرى صدفة. فماذا يدور في الخفاء يا ترى. لنعد للخلف قليلا إلى أواسط الستينات الميلادية لنحاول تفكيك ما يحصل اليوم، إذ لطالما بحث الإخوان عن شخصيتين يعتقدون أنهما تمثلان رأس مشروعهم للمواجهة والتمكين. أولا.. مفكر «إسلاموي» يكون مصدر فخرهم ومرجعيتهم العقائدية، وتستمد جماهيرهم منه الإلهام والأفكار، يتم من خلاله التعبئة ضد الخصوم ويستخلص من أدبياته المبادئ والفتاوى، فحسن البنا لم يكن سوى مؤسس للجماعة بلا عمق ديني ولا فكري وكل المرشدين من بعده كانوا كذلك. لذلك كان من الضروري «للجماعة» اختراع مرجعية فكرية يتم تضخيمها والاحتفاء بإنتاجها وتحويلها إلى أيقونة «للنضال والتضحية من…