الأحد ١٢ مارس ٢٠٢٣
قبل سنوات عديدة، كلّف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، سفارة الإمارات في أوتاوا إيفاد مندوبين لحضور تشييع ممرضة كندية عملت في خمسينيات القرن الماضي بالمستشفى المعروف لدى أهالي مدينة العين باسم «كند»، كما حرص على تكريم أطباء وطبيبات عملوا في ذلك المستشفى في احتفالية خاصة بحضور من يمثل عائلات الراحلين منهم، مشيداً بجهودهم وحسن رعايتهم لمرضاهم في تلك الحقبة الصعبة والظروف القاسية. وفي إحدى المرات، حرص سموه، وفي مجلسه العامر، على تكريم فرّاشاً هندياً عمل بديوانه قرابة ثلاثين عاماً بمناسبة قراره العودة إلى بلاده، وأبلغه بأنه سيكون مرحباً به وبعائلته في أي وقت يريد فيه زيارة «وطنه الثاني». مواقف خالدة وغيرها الكثير خلال زيارات سموه لرجالات الرعيل الأول التمعت في الذاكرة، بينما كنت أتابع زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للشاعر حمد بن سوقات، ورجل الأعمال جمعة الماجد، واللذين وصفهما…
الأربعاء ٠٨ مارس ٢٠٢٣
الفرنسيون محتجون على نية حكومتهم رفع سن التقاعد من 62 عاماً إلى 64 عاماً، خرجوا إلى الشوارع يوم أمس في 300 مسيرة، شاركت فيها قطاعات كبيرة، مع التهديد بإضرابات عامة! نحن مستغربون من ذلك، لأننا نرى حالياً أن 60 عاماً تحتاج إلى زيادة، رغم أنها في أغلب الحالات لا تحدث فرقاً كبيراً، ونعتبر صاحب الستين شاباً وصاحب خبرة، و«مخه كبير»، ولا نلتفت إلى الحواجب التي أبيضت بعد اللحية والشوارب، ولا ننظر إلى التجعدات على ظهر كفه، ولا إلى الهالات السوداء حول عينيه، ولا نسافر في رحلات «كروز» لرؤية الحيتان والدلافين والجزر البدائية، فقد طوينا العالم في شبابنا، لا، بل منذ طفولتنا، عندما كانت عائلاتنا تقضي الصيف في بلدان ومدن ذائعة الصيت، وفي إجازات الأعياد والمناسبات الوطنية ونصف السنة الدراسية ننتقل بين دول المنطقة حتى نصل إلى القاهرة. مفهومنا للتقاعد يختلف عن المفهوم الغربي، هم يعتقدون أنهم يتحررون من ضغوط الحياة والتزاماتها، ونحن نعتقد أننا «وضعنا على الرف»، هم يعيشون حياة…
الأربعاء ٠٨ مارس ٢٠٢٣
ما أعظمها وأروعها من مشاهد ولقطات تحمل في تفاصيلها العديد من الدروس العظيمة والرسائل الجليلة، ونحن نشاهد قائد مسيرة وطن الخير صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يصطحب أبناءه وأحفاده إلى مبنى «مبادلة أرينا» في أبوظبي ليشاركوا متطوعي ومتطوعات الهلال الأحمر في تجهيز الطرود الغذائية، ضمن حملة «جسور الخير» لإغاثة المتضررين من الزلزال الذي ضرب مناطق من سوريا وتركيا مؤخراً. حرص رئيس الدولة، حفظه الله، على تفقد سير العمل في الحملة التي جاءت لتعزيز الجهد الإغاثي الكبير الذي قامت وتقوم به الإمارات منذ الساعات الأولى لوقوع الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلدين الشقيقين، وقد كانت فرقها الإغاثية في مقدمة الواصلين للمناطق المتضررة. وعبرت الزيارة الكريمة عن مستوى الدعم والتحفيز والاعتزاز بالمتطوعين الذين كانوا دائماً في الصفوف الأولى، بما يعبر عن المستوى الرفيع للعمل التطوعي في البلاد، والذين نستذكر بكل التقدير والامتنان دورهم البطولي في خط الدفاع الأول خلال جائحة كوفيد19. الزيارة الكريمة حملت كذلك رسالة…
الإثنين ٠٦ مارس ٢٠٢٣
«بنيان الخير»، هو اسم المبادرة الجديدة التي نطلقها في «الإمارات اليوم»، ابتداءً من اليوم وإلى أن تحقق هدفها، بالتعاون والشراكة مع كل من مؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصّر بدبي، ومؤسسة محمد بن راشد للإسكان. هدف هذه المبادرة هو جمع 35 مليون درهم، لبناء 22 مبنى وقفياً لمصلحة المواطنين ذوي الدخل المحدود والأسر المتعفّفة. فمن هم المستفيدون من هذه المبادرة؟ وهل نحتاج إلى مبادرات من هذا النوع لتأمين احتياجات ذوي الدخل المحدود؟ بداية، فإن ملف الإسكان، كما هو معروف للجميع، يعد أولوية كبرى لدى القيادة الرشيدة في إمارة دبي، ويحظى هذا الملف باهتمام خاص من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي وجه منذ أيام فقط، بالبدء الفوري بتخصيص 8500 وحدة سكنية للمواطنين في منطقة اليلايس الخامسة، بمساحة 120 مليون قدم مربعة، كما يحظى بمتابعة حثيثة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس…
الإثنين ٠٦ مارس ٢٠٢٣
تسرّنا الأنباء التي تشير إلى أن الطفلة السوريّة شام تمضي قدماً نحو التعافي وفق البروتوكول الذي وضعه الأطباء هنا في أحد مستشفيات أبوظبي، حيث تتلقى العلاج مع شقيقها وعدد من الإخوة السوريين الذين أصيبوا جراء الزلزال المدمّر الذي شهدته بلادهم مؤخراً. شام الآن تتماثل للشفاء، وتتعافى معها قلوبُنا التي خفقت لها بعد أن أجهشت بالبكاء، وداهمها الألم والخوف وتملّكت الرهبةُ براءتَها، بعد 40 ساعة قضتها تحت الأنقاض عقب انهيار منزلها وسقوط سقفه على ساقيها. شاهدنا جميعاً كيف خفق قلب الإمارات لشام، وكيف راحت أيادي الخير تقوم بواجبها تجاهها في انعكاس لقيم وثقافة بلادنا، وفي مقاربة إنسانية حيّة تشير بجلاء إلى نهجنا الخيري الفاعل والقادر على تجاوز عوائق الزمان والمكان، والذي جعل من بلادنا نقطة محورية في جهود الإغاثة وعمل الخير في أي مكان وتجاه أي شخص. «شام» شاهد عيان جديد على النهج الإنساني الذي خطّه المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد، وقيمه التي تشكل ملامح شخصيتنا الوطنية التي سنظل محافظين…
الأحد ٠٥ مارس ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: تعددت التحليلات والنبؤات، وتساءل المعنيون وغير المعنيين عن أسباب حدوث الزلزال المدمر، ووجد البعض أن تهاون المسلمين أمام حرق المصحف أثار غضب الله تعالى فكان ما كان، متناسين رحمته سبحانه ومتجاهلين كل الأسباب العلمية والجيولوجية لحدث كهذا. بعيداً عن الزلزال، اعتدنا في صغرنا على قيام أهلنا بحرق أوراق التقويم المعلق على الحائط بعد انتهاء العام، خشية أن تحتوي هذه الأوراق على آيات من كتاب الله، فلا تلقى في سلل المهملات، ضمن يقين تام أن ما يحرق مجرد أوراق، بينما كتاب الله محفوظ حتى قيام الساعة. إنما يستحق موضوع حرق المصحف قليلاً من الوقوف عنده، ففي فعل استفزازي مكرر، أقدم متطرف في السويد منذ مدة على إحراق نسخة من المصحف الشريف، واستدعى ذلك إدانة واسعة، فيما عزت بعض النقاشات الفعل ذاته لأسباب سياسية بحتة، تأخذ ردود الأفعال بعين الاعتبار، حيث أصبح معروفاً أن أفعالاً كهذه تثير مشاعر المسلمين وتغضبهم، فلا يختلف إثنان على قدسية المصحف بالنسبة لأي…
السبت ٠٤ مارس ٢٠٢٣
خاص لـ هات بوست: كانت جدتي سلمى رحمها الله، تصف الناس عادة بجملة افتتاحية أو جملتين شهيرتين ، " فلان عندُه سالفة " و "فلان ما عنده سالفة" وبعدها تطبق جدتي قبضتها من الأحكام الاستباقية وتكمل انطباعاتها الأولية التي 90% منها تصيب . كبر وعينا وتفتح، وانخرطنا في عوالم الإعلام الذي يطرح كل يوم أديمهُ الجديد ويختبر فينا قدرات جديدة ومفاجئة،واكتشفنا أنه حتى تدافع عن فكرة أنت تحتاج ذخيرة من اللغة، مع كثير من المعلومات المتخصصة، على حبتين من الكاريزما، مع كمشة تقنيات في الأداء، مع معرفة “ متى تطلع بنبرة الصوت ومتى تعطيهم حنون الصوت، مثلا قبل عشر أعوام لم أكن أعرف أن حين تبتسم وأنت تتحدث، ستتغير تماما نبرة صوتك لتذوب البسمة في جدية الكلمة وتعطيها قوة وعذوبة .. وكي تتأكد من هذا جرب الآن أن تلفظ كلمة “دراية” بصوتك العادي وبعدها جرب لفظها وأنت تبتسم ! يقود العالم اليوم ساسة جدد، ساسة في حقل التكنولوجيا وآخرون في…
الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣
العلاقة بين الإنسان والطبيعة من أهم الموضوعات الغائبة في الأدب العربي المعاصر، ونادراً أن نجد رواية حديثة من كتب أدب الرحلات تحديداً عن علاقة الراوي بالبيئة، ونحن نعلم أن العلاقة بين ما يحيط بنا من مناخ، وبشتى أنواعه وأشكاله مادة أدبية وإن كان هذه المناخ سيئاً، فلا بد من مآثره الخطيرة على مشاعر الإنسان. والرحلة البيئية النقدية تقليد كلاسيكي في عالم الأدب وفي شتى بقاع العالم، ولعل من يقرأ ملحمة جلجامش أقدم ملحمة في تاريخ البشر، فإنه يتعرف إلى جوهر الأشياء وجذورها، وشكل الإنسان إذا قضى حياته يتعلم من الحيوانات، ويعيش بينهم، وكيف يصبح إن عاد إلى المدينة؟ كما أن الملحمة تعرفنا بمعنى الغابات والصحراء والغوص في البحر من خلال البطل وصديقه، وكيف الجنة الطبيعية حولك ومعاني الجمال والوئام. وعودة من العصور السحيقة إلى القريبة، فإذا قرأنا بعض كتب أدب الرحلات التي تعود إلى ما قبل القرن العشرين نجد النصوص تواجه حتى جذور الذُرة وعناقيد العنب، وتتأمل المعاني حول الوردة…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣
حين تسافر إلى مدينة كبرشلونة لأول مرة، ستكون محظوظاً حين تحظى بغرفة واسعة، تتوافر فيها شرفة تطل على الشارع، وها أنذا أقف في هذه الشرفة، بعد نهار طويل وشاق من السفر، نعم السفر مشقة، لكن بعض المتع العميقة لا تكون بين يديك، ما لم تعبر طريق المشقة ذاك، تلك هي معادلة الحياة الثابتة. برشلونة تضع بصمتها على كل شيء، ابتداء من واجهات الفنادق، وحتى الشرفات الصغيرة، سألت موظف الاستقبال عن بعض التفاصيل: اسم الفندق، رائحته التي لا تقاوم، ركن القهوة والشاي والمخبوزات، قال لي مبتسماً بتحفظ: كل شيء هنا يعود للتقاليد الكاتالونية، ابتداء باسم الفندق: كاتالونيا، وانتهاء بكل ما نستخدمه، منتج ومصنّع محلياً من الخامات والموارد الطبيعة لكاتالونيا. وقفت طويلاً أتأمل الشارع الطويل الغارق في الأضواء، والمزدحم بالسيارات، قلت لنفسي: إنه ككل شوارع المدن في العالم، لا يختلف عنها في شيء، والحقيقة أن كل شيء وكل شخص لا تعرفه، يعتبر عادياً جداً وشبيهاً بأي شيء مر بك في حياتك، ووحدها…
الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣
في المدرسة تصقل اللغة العربية، بأصولها وجذورها، وبقواعدها واشتراطاتها، وبنحوها وصرفها. هناك يتعلم الطفل لغة القراءة والكتابة، ومنها يلج إلى عالم الثقافة والفكر، هناك شيء مختلف، فالبيت وضع الأساس، والمدرسة تفتح الآفاق، وتنقل الأبناء من العامية إلى الفصحى بسلاسة، حيث إن الركيزة الأساسية متوافرة، وعندما كان تعليمنا واضح المعالم، وكانت اللغة العربية في مقدمة المتطلبات، عندما كان كل ذلك موجوداً، امتلأت ساحتنا الأدبية والفكرية والعلمية برواد قادوا البدايات وتميزوا. خرجت المدارس، ومن بعدها الجامعات، من لا يحتاجون إلى كلمات أجنبية حتى يوصلوا أفكارهم، لأنهم متمكنون من لغتهم، ويعرفون أنها ثرية بالمعاني والمرادفات، بخلاف ما يحدث الآن من استعارة للوصف والتعبير من لغات أخرى، وهذا ناتج عن العبث الذي مرت به مناهج لغتنا في المدارس، والذي بدأ بفئة تلتها فئات حاولت فرض رؤيتها وقناعاتها، رغم أن بعضها كانت نواياها حسنة، ولكنهم خرجوا عن المسار الصحيح، ثم تدخلت «الاستشارات» الأجنبية فزادت الطين بلة! وقد وصلنا إلى مرحلة جدل دائم حول تدريس لغتنا…
الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣
هناك نوعان من الأنماط السلوكية لدى الناس: التقدم أو التذبذب. التقدم هو نمط يصبح فيه النجاح الذي حققه الإنسان منصة للنجاحات التالية في المستقبل، حيث يبني الإنسان على نجاحه السابق، ويُكوّن الزخم اللازم بمرور الوقت، وهنا تقود تلك النجاحات إلى نجاحات أخرى، وبالتالي يدفع ذلك الإنسان إلى الأمام، فيصبح النمط السائد لديه هو التقدم. أما في النمط المتذبذب فيتم تحييد النجاح الذي حققه الإنسان، بمعنى أنه ينجح في مهمة أو خطوة ما، ثم ينشغل بشيء آخر يلهيه عن الاستمرار في المسار الذي بدأه، وبالتالي ينطفئ أو يتلاشى الزخم الذي حققه، فكل خطوة إلى الأمام تليها خطوة إلى الوراء، وبالتالي لا يمكن للنجاح أن يستمر على المدى الطويل. تلك خلاصة قراءات قمت بها الأسبوع الماضي لكاتب ومخرج اسمه روبرت فريتز، وهو من رواد التعلم المؤسسي، كذلك من خبرات فريق خبير التعلم المؤسسي «بيتر سينج». يذكرني النمط الأول بشخصيات كثيرة، مثل ستيف جوبز، فكل نجاح حققه كان يتبعه نجاح آخر، ومنتجات أخرى…
الخميس ٠٢ مارس ٢٠٢٣
برغم خفقات الطير، ورغم تمنيات الأشجار بأن تتعاطف الغيمة مع شغف الكائنات، فما زالت السماء رمادية، ما زالت الغيمة ترتدي شال الخجل، وتخبئ في معطفها سر العناد. هكذا تبدو في الربيع، مثل زهرة برية، لا تملك غير الرقص في الفراغات، والسير على أكتاف تعب الصحراء، ولا مجال للهطول، لأن الأرصاد أخطأت في الحساب، وصارت سبورة التنجيم مثل تكهنات عرافين غير محترفي التنبؤات. العشب في شوارع المدينة يصطف مثل تلاميذ تأخروا عن الدرس، فعاقبتهم الإدارة المدرسية بالوقوف على الأيدي لمدة غير معلومة. رأيت بأم عيني طفلاً يتهجى وجه الغيمة، ويركل مرة باتجاه الأعلى لعله يصطاد قطرة مطر أو أن الغيمة تتراجع عن قرار المنع، فتسدي للهواء كي ينقل رسالتها إلى الأرض، محمولة في ظرف قديم تركه أحد المارة في الطريق الخلفي لشارع عام لعله يلتقطه بعد حين من الزمن. لم تزل الغيمة تفكر كيف تتخلى عن عادتها القديمة، وتثني على صبر العشب والشجر، وتتعاطف مع الطبيعة، فتسقط نثات كأنها ريق الطير…