هيلة المشوح
هيلة المشوح
صحفية سعودية

الصغيرات والعباءات !

الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٨

ما إن كتبت تغريدة عن حرية الأهل في ما تلبسه صغيراتهم من حجاب أو عدم لبسه البتة، بحكم أنهن صغيرات، واتكاء على الاختلافات الفقهية في أمر الحجاب، حتى انهالت الشكاوى من ممارسات قائدات بعض المدارس في تطبيق الحجاب على صغيراتهم، وبالشكل الذي يحدد قناعات القائدة نفسها وليس أهل الطالبة وقناعاتهم بأمر الحجاب. أرسلت لي إحدى المغردات صورة محزنة لطفلتها الصغيرة والسواد يغطيها من قمة رأسها إلى ما تحت أخمص قدميها وتجر خلفها حقيبة تفوق حجم جسدها الصغير، وتتساءل ما الهدف من هذا يا قائدات المدارس؟ إذا كان الهدف حشمة وتدينا فما المفروض أن يُغطى من أجساد صغيرات لم يبلغن بعد؟ ولماذا هذا التزمت الذي لم ينزل الله به من سلطان، فلم يسن الحجاب على طفلة لم تبلغ الحلم، ناهيكم عن عباءة لا تمت للدين الإسلامي بصلة، فهي تقليد تاريخي كما سبق أن أوضحت في مقال (العباءة وحائط الجهل)، وكما ذكر أحد المشايخ من هيئة كبار العلماء بنفي إلزاميتها شرعاً! ما يؤرقني حقاً هو تخبط بعض المدارس في موضوع العباءة ومفهوم الحشمة، واجتهادات قائدات المدارس بشكل محدد وإلزامي للعباءة، وذلك بممارسة قناعاتهن على الطالبات وفهمهن الخاص للاحتشام وفرض تلك القناعات المتشددة - أحياناً - على بنات الناس، كإلزام الطالبة بعباءة رأس وغطاء وجه أو نقاب، علماً أن المعلمات غير ملزمات نظاماً…

القيادة.. وحلاوة الروح!

الثلاثاء ٠٣ يوليو ٢٠١٨

تزامناً مع تطبيق قرار قيادة المرأة للسيارة تثار زوبعة كبيرة حول هذا الموضوع لن تكفيها مجلدات لرصدها، بدءاً من أول يوم تم تطبيق القرار حتى يومنا هذا. رصد الإعلام الغربي قاطبة، هذا الحدث فكان - في الغالب -رصدا واقعيا يمثل الحدث بصورته الحقيقية والمشرفة، بعكس ما حاول مرتزقة الإعلام القطري بثه من خلال مؤسساته، أو ما تم دسه في وسائل التواصل من رسائل سلبية تم تداولها بين البسطاء وبعض فئات المجتمع المحدودة الوعي، كرسائل الواتس آب، التي تزخر بأقبح مفردات القذف والسباب لكل من قادت سيارتها وأنها لا تمثل المجتمع السعودي المتمسك بدينه وأن قيادة المرأة مدعاة للفساد والانحلال، إلخ من هرطقات خلايا أبواق قطر وهو دأبهم لإشعال الفتنة بيننا. من ناحية أخرى خرجت علينا فئة الممانعة، وهي فئة لاتهنأ بشيء وتمارسه وتستسيغ حلاوته قبل أن تعارضه وتعرقله، خرجوا علينا بمحاولات لإثبات أن نساء المملكة رفضن القيادة ومن صورن أنفسهن إنما هن دخيلات ومن دول مجاورة ولسن بسعوديات، واستغلوا فيديو لمطربة ذكرت فيه جملة عفوية حمقاء بأن هذا مصير كل من تقود، فماذا أقول إلا «يا صبر الأرض» عليهم وعلى هذه الحالة التي تتلبسهم عند كل مستجد في الحياة، حين يفرض رغم مناكفاتهم كالقيادة، وهي حالة عجيبة من تكذيب الواقع وتمرير هذا التكذيب على الناس، حتى لو كانت الصورة واضحة…

السرورية تتنفس!

الثلاثاء ٢٤ أبريل ٢٠١٨

أثار مقطع فيديو في إحدى مدارس الرياض لغطاً واسعاً بين أطياف المجتمع حين ظهرت صغيرات يتدثرن بالسواد ويغطين وجوههن ويرددن هتافات «حجابي نجاتي» ويحملن لافتات كتب عليها «شعيرة لن تندثر» و«حجابي تاج رأسي» في مسيرة أشبه بالمظاهرة داخل المدرسة بتنظيم وتصوير معلماتهن، ويأتي ذلك امتداداً لحالتي الجدل والسجال اللتين أحدثهما خروج وكيلة وزارة التعليم لتعليم البنات د. هيا العواد كاشفة وجهها في المنتدى الدولي للتعليم، فكان الهجوم شرساً وممنهجاً ضدها، وهذه المظاهرة من مفرزاته. كتبتُ في مقال سابق أن العباءة السوداء ليست إلزاماً دينياً، بل عادة وتقليداً متوارثاً رسخته بعض العادات والموروثات الاجتماعية لتتلقفها الصحوة فتكرسها كفرض ديني ضمن مشروعها الأيديولوجي في إخفاء المرأة وطمس هويتها، وشعيرة يجب الحفاظ عليها من عبث العابثين من ليبراليين وعلمانيين ومفسدين إلخ، والطرح هنا ليس عن تاريخ العباءة وجواز غطاء الوجه من عدمه، بل عن كيف تم توظيف الحجاب بدوغمائية وقطعية متزمتة للتحريض بين فئات المجتمع التي تضم فِرقاً ومذاهب ومدارس فقهية مختلفة، وخير مكان تُغرس وتؤجج بهذه النعرات هو مؤسسات التعليم التي تحتضن النشء منذ نعومة أظفاره حتى تخرجه، وهو وقت كافٍ لتأصيل الفكر السروري الذي ينبثق من التنظيم الإخواني الحاضن لكل تيار أو تنظيم أو جماعة إرهابية، وهو فكر عصي على الاستسلام تحت أي ظرف. السرورية فكر خبيث المنشأ والأهداف، يتسلل وينمو…

العباءة.. وحائط الجهل!

الثلاثاء ١٣ فبراير ٢٠١٨

بعض الحقائق وحين تصطدم بالجهل المتراكم تخرج أسوأ ما في المجتمع من ردات فعل، خصوصاً عندما يكون هذا الجهل نتاج (أيديولوجيا) دينية مغلوطة أو عادات وموروثات تقليدية عصية على التفكيك أو حتى النقاش. حين رد أحد المشايخ على سائلة تستفتيه بشكل العباءة انفتحت عليه أبواب من الانتقادات وردات الفعل الساخطة، فالعباءة التي ذكر الشيخ بالنص «أنها غير إلزامية، مع أن أكثر من 90% من المسلمات في العالم الإسلامي لا يعرفن العبايات ومع ذلك نراهن في مكة والمدينة ملتزمات بالحشمة»، ولا أعلم هل لو لم يرَ هذا الشيخ هؤلاء النساء المسلمات المحتشمات في مكة والمدينة ستصبح العباءة قبل استنباطه هذا إلزاماً؟ ما علينا، فالعباءة بالنسبة للمجتمع الذي لا يقبل مس قناعاته أيقونة للحشمة وتابوه لا يحتمل المساس حتى لو استبدلت بخيمة أو كوخ حديدي متحرك، وحتى لو جاء هذا المساس من شيخ محبوب صاحب نكتة (في الله) وحضور مقبول بشكل كبير فالمساس بأي موروث يلغي أي عاطفة تجاه من يتطفل على أكوام الموروثات والعادات. وأتذكر هنا أن أحدهم سأل الشيخ «هل خلعت زوجتك العباءة حتى تطلب من نسائنا خلعها؟»! وهنا مربط الفرس.. عفواً (مربط الجهل) وكأن المرأة تنتظر إشارة لخلع عباءتها -وهكذا يعتقدون-، ونحمد الله أن من أفتى هو شيخ ذو كاريزما وليس معلومة تنطع بها (ليبرالي أو علماني) وإلا لأخرجوه…

هل آلمتكم ريم؟!

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠١٨

لنتحدث عن ريم قليلاً لمن لا يعرفها: ريم مغردة في تويتر كتبت قبل أيام تغريدة عفوية جداً، لم تكن تعلم بأنها سوف تحصد كل هذا التفاعل وكل هذه الردود والنقاش حولها، وكانت التغريدة مرفقة بصورة محادثة بينها وبين ابنة أخيها التي تبشرها بقبولها في برنامج الابتعاث، وتخبرها بمباركة والدها - أخو ريم - وفرحته الكبيرة بقبول ابنته، فحوى التغريدة تحكي فيها ريم عن حادثة لها قبل 12 سنة، حين جرها أخوها من شعرها أمام إدارة التعليم في أبها وضربها بالعقال لأنها ذهبت للتسجيل في برنامج الملك عبدالله للابتعاث، حيث لا يتواءم فعلها مع أعراف القبيلة والمجتمع المحيط بها، وهو نفس الأخ الذي يبارك لابنته الخطوة ذاتها في 2018. حقيقةً وبكل صدق لم أستغرب هذه القصة ولم أشك بمصداقيتها كما فعل البعض، فهذا مجتمعي وأعرفه جيداً، ونعرف جميعاً كيف يُسلم الأخ السيطرة التامة على أخته - غالبا - حتى لو كان الوالد على قيد الحياة، ونعرف كم الجور والظلم الذي يُمارس جراء هذا التسليم المطلق بحجة أن الذكر مسؤول عن الأنثى، وأي أنثى سواء أخت أو بنت أو زوجة أو حتى أم، فهو من يحافظ على شرفها، فالمرأة في أعرافنا «عار»، وسمعتها كعود الثقاب إلخ من الهرطقات المتداولة، والتي كونت ثقافة رجعية ومتخلفة فبات العرف جعل الأنثى تابعة مُسلمة للرجل وتحت…

الربيع الفارسي.. انعتاق من ولاية الفقيه

الثلاثاء ٠٢ يناير ٢٠١٨

بدا المشهد الداخلي مثيراً وعاصفاً منذ صباح الخميس الماضي في شوارع مدن مختلفة في إيران، حين رفع المتظاهرون لافتات بإسقاط الملالي، مرددين هتافات مناوئة للحكومة وممزقين صور الخامنئي. مشهد بطولي لأولئك المتظاهرين الذين قالوا كلمتهم صريحة وواضحة أن المواطن البسيط لم يعد يطيق هذا العبث الذي يقوم به المرشد الأعلى من تبديد لثروات البلاد وصرفها على إيقاد الفتن في العراق وسورية ولبنان واليمن، بينما يفتقد الإيراني لرغيف الخبز، رسالة ضد الظلم والطغيان والاستبداد وحكم الفرد وإجرام نظام الملالي. شعب قرر أن يحصل على حريته، وحسب المحللون فلن تتوقف عند هذا الحد فهذه المظاهرات تختلف شكلاً ومضمونا عن تلك التي جرت سابقاً في 2009 وغيرها، فحاجز الخوف قد كسر والمتظاهرون لم يعد يأبهون لردة فعل النظام التي انعكست بالقمع والقتل إيماناً منهم - أي المتظاهرين - بعدالة قضيتهم. إيران التي كانت تتبجح بأنها تسيطر على 4 عواصم عربية فقدت السيطرة تماما على تلك الحشود الهادرة الثائرة في عدة مدن حيوية داخلها، ولم تستطع قنابل الغاز المسيلة للدموع والرصاص الحي الذي يطلقه الحرس الثوري لقمع الثوار من إيقاف انتفاضة الشعب، وانقلب السحر على الساحر حين قام الناس بحرق مقرات نظام ولاية الفقيه فصرخت حناجرهم بأن أموال الدولة التي انغمست في دماء السوريين وأشلاء اليمنيين وإهانة كرامة العراقيين ونهبها عن طريق تمويل أحزاب…

مرتزقة قطر وسيرة ملطخة بدماء العرب !

الثلاثاء ٢٩ أغسطس ٢٠١٧

نطت عروق «شرايين» فيصل القاسم وتورمت «أشداقه» ووقفت شعيرات وجهه المزروعة وهو يتحدث عن الشخصية التي زلزلت «تغريداته» عرش نظام قطر وأقلقت مضجعه، وهو معالي المستشار في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، فرشقه بحزمة من الأكاذيب وكأنه يرشقنا جميعاً بالماء البارد في عز القيظ، فما أجمل استفزاز مرتزق وما أجمل أن يتحول إيقاع طبلته من المديح والتدليس إلى الحنق، وكأنه قد علق ذيله تحت عجلات سيارة فارهة.! حين ترجع بذاكرتك عزيزي القارئ قليلاً وتستعرض تاريخ قناة الجزيرة ومرتزقيها، وهي الممول والداعم للإرهاب ستمتثل في ذاكرتك فوراً صورة بن لادن وفيديوهاته التهديدية التي كان يرسلها من جحور تورا بورا، ولقاءاته مع مذيعي القناة لتبث باسم «الشيخ»، وهو لقب الإرهابي المقبور أسامة بن لادن الذي لولا قطر وقناتها وترويجها لما تحول من نظام لا يتجاوز أفراده المئات في الثمانينات الميلادية إلى كيان جند الآلاف من شبابنا وقلقل العالم بجرائمه وتفجيراته!. الجزيرة قناة دشنها نظام مضطرب تلذذ بالعبث في استقرار الدول العربية من خلال المؤامرات والدسائس وتوجها بتأجيج الشعوب العربية في ملحمة لم يشهد لها تاريخ العرب مثيلا، في ما سُمي «بالربيع العربي» الذي أفرز داعش الكيان الإجرامي الذي نشاهد مجازره وكأننا أمام فيلم اسطوري أنتجه وموله وكتب السيناريو له تنظيم الحمدين في قطر، فلا عجب أن يخرج من رحم هذه القناة مجموعة…

ماذا لو هلك «الغرب الكافر»؟!

الجمعة ٠٧ أبريل ٢٠١٧

(اللهم أعمِ أبصارهم، وصم آذانهم، وافقر غنيهم واجعل الدائرة عليهم ورمل نساءهم ويتم أطفالهم واخسف بهم الأرض وسلط عليهم من لا يخافك) (اللهم عليك بهم، اللهم سلط عليهم ريح عاد والصرصر العقيم، وصيحة ثمود، وطوفان قوم نوح ...) (اللهم رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) بربكم ..ماذا لو استجاب الله لتلك الأدعية؟! كل هذه الأدعية ألفناها ونسمعها بشكل متكرر على المنابر، ولكن ما هي تبعات تحقق هذه الأدعية -وهي لن تتحقق- لأن الله سبحانه لا يريد بنا إلا خيراً وحياة كريمة، فهو رب العالمين جميعا، وهو أرحم بخلقه من أي بشر. أول تبعات تحقق استجابة هذا الدعاء هو فقدانك للمايكرفون الذي تصدح منه أيها الخطيب، ثم جهازك الذي حفظت فيه خطبتك وأدعيتك وغترتك وثوبك وسيارتك التي ستقلك إلى بيتك لتتمدد تحت مكيفات «الغرب الكافر»، وغذاؤك الذي تصنعه آلاتهم وكل ما يحيط بك، فمن سيصنع لك كل هذا؟ ومن سيعوضنا نحن كل التقنيات والصناعات.. أنت مثلاً؟! الحمدلله ثلاثاً على نعمة الغرب الذي لولاه لبقينا في خيامنا نجلب الماء على ظهور جمالنا، ونقتات الأقط والضبان والجراد وخشاش الأرض، ونكرع حليب النوق، وعندما نتلوى من الجدري والطاعون والحمى فلا سبيل للعلاج إلا (لشطة) على قفانا بملقاط الجمر حتى تتقرح جلودنا ثم ندفن تحت كثبان الصحراء، ولا أمل حتى في تحللنا إلى…

إنجازات أمنية.. وإرهاب مستتر!

الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٧

أصبحنا نتعامل مع الإرهاب بحرفية عالية و«غير مسبوقة» فبعد أن كنا نضع أيدينا على قلوبنا ترقباً لأي عملية إرهابية مفاجئة، أصبحنا نضع أيدينا على مكامن الإرهاب ونفهم دهاليزه فبات رجال أمننا غاية في التكتيك والدقة والتحري حتى تمكنوا من إحباط العمليات قبل حدوثها، لا بل وتفكيكها في مهدها بمداهمات وعمليات أمنية مبهرة. عندما ألقت وزارة الداخلية القبض على خلية إرهابية تضم 18 داعشيا الأسبوع الماضي في عملية تضاف إلى مفاخر إنجازات أمننا وأشادت بها أقلام الشرفاء والوطنيين، خرجت علينا في مواقع التواصل حسابات متعاطفة مع هذه الخلية وهذا ليس بغريب ففي كل عملية نواجه نفس المعضلة ونفس الأفاعي التي لا تخرج من جحورها إلا عندما يسخن الحدث وتشعر بالإحباط والقهر على فقد عضو في تنظيم أو القبض على آخر، ومن ناحية آخرى وحين نكتب عن أي إنجاز يقابلنا البعض بالهجوم بطرق ملتوية دفاعاً عن هؤلاء الإرهابيين وأتذكر هنا عدة تغريدات كتبتها عن الإرهابي (عبدالله العضيبي) وهو معلم في ثانوية ولديه أنشطة في حلقات التحفيظ ويصفونه بـ«المربي الفاضل» حينها ازدحم حسابي بالردود الساخطة بدفاع غير مباشر عن الداعشي كالدفاع عن حلقات التحفيظ أو المخيمات الدعوية إلخ، وهنا يجب أن نعي الخطر الكامن بين جنبات هذا المجتمع فهناك شريحة لا يستهان بها تؤيد الإرهاب وتتعاطف معه وقد تكون تموله أو تدعمه ولديها…

ديني لنفسي ودين الناس للناس!

الأربعاء ٠٧ سبتمبر ٢٠١٦

ماذا لو طبقنا.. ما لي وللناس كم يلحونني سفها ديني لنفسي ودين الناس للنـــاس؟ ما أروع هذا البيت للحلاج ولكن.. الحسين بن منصور بن محمى الملقب بالحلاج لقي مصرعه مصلوبا بباب خراسان المطل على دجلة تنفيذا لأمر الخليفة المقتدر في القرن الرابع الهجري بسبب تكفيره، وهو ما كان سيحدث لأحدنا لو لم توجد لدينا تشريعات تقيد وتكبل كل متطرف ومكفر ينتهك علاقتنا بربنا فيحكم بما تشتهيه نفسه، ولنا في أحد المتشددين عبرة حين تمنى سيف المهدي لـ«حز» رقاب بعض الكتاب! انتزعت إنسانيتنا حين تمكنت الصحوة من مفاصل حياتنا فأصبحنا نستقطع وقتا بعيدا عن أعين وآذان الناس حتى نمارس أبسط الأمور ترفيها وجلاء لهمومنا كالموسيقى، فهل آذت أغاني الزمن العتيق الجميل إنسانية ذلك الجيل ودججتهم بالأحزمة الناسفة وجعلتهم يفجرون أحياءهم كروائع أم كلثوم وعبدالحليم ونجاة الصغيرة والأطرش وغيرهم، أم صقلت إنسانيتهم وصنعت جيلا رائعا يرفل بالرومانسية والأخلاق العالية! وهل آذى «صوت الأرض» طلال مداح ومحمد عبده وأسطورة الغناء كاظم الساهر عندما اقترن بمبدع الشعر الحديث نزار قباني ونثروا أجمل القصائد بأجمل الألحان - هل آذونا أو حرض نتاجهم على الإرهاب أو العنف؟ أبدا فقد طعموا أرواحنا بالحب والسلام وحركوا لدينا نشوة الحياة لا طريق الموت والقتل والدمار! أنسنة أي مجتمع تنبع من ثقافته التي نشأ عليها، وبيئته التي احتضنته فمن تربى…