الأحد ١٣ مارس ٢٠٢٢
كأنه ابتسامة البراءة، كأنه لغة العفوية، كأنه حلم الطير، كأنه نسق العناقيد عند هامات النخيل، هو ذاك المستقبل البراق، والغد المشرق، والقادم المتألق، بمحفظة التاريخ، وصندوق المشاريع العملاقة، وحزمة الطموحات التي لا ينطفئ لها ومیض، ولا يخبو بصيص. هي هذه الإمارات التي توحدها رؤية قيادة، استطاعت في عمق الأزمات أن تكون المصباح المنير، الذي يضيء الطريق للذاهبين إلى المستقبل، وأن تكون القاموس المحيط للغة التواصل بين الأنا والآخر، وأن تكون الموجة التي تحمل على كاهلها مراكب السفر إلى مناطق الأحلام البعيدة. اليوم عندما نلف خيوط الذاكرة، ونلتفت نحو القماشة الملونة، نجد أنفسنا أمام فسيفساء كونية، رهيبة، مذهلة، لا يمكن أن يمر عليها الخاطر من دون أن تسيل منابع البهجة في أعماقه، وتنهمر شلالات الأبيض الناصع من علو كعب الكرامة والتي تواصلت درجاتها العلا، كما هي خصلات الخيل عند جيد، وعنق، وعندما نتأمل اللوحة التشكيلية المعلقة بين السماء والأرض، نفهم جيداً بأن العالم لا تنمو فواصله بین الجملة والأخرى، إلا عندما…
السبت ١٢ مارس ٢٠٢٢
التصنيف لصيق بحياتنا من ساعة ولادتنا لنُصنف بأننا من الأحياء إلى يوم مماتنا ليتم تصنيفنا أننا من الميتين، وتصنيف الإنسان وُجد منذ خلقه ليُصنف ذكراً أم أنثى، وقد يبدأ التصنيف مع الإنسان قبل ولادته من حيث العرق واللون وما يُلحق به من تصنيفات قد يكون ليس له خيار فيه. ولا يمكن تخيل الحياة دون وجود عمليات التصنيف التي في أغلبها حاجة لتسهيل التعامل مع ما يحيط بنا ووضع كل شيء في مكانه المناسب وإعطاء كل ذي حق حقه، ولكنه يفقد دوره ويصبح سلاحاً مرتداً على المصنف إذا ما تم وضع المعايير المخالفة للمنطق، للقانون، للمسلمات، للوقائع وغيرها. والتصنيف الخاطئ قد يؤدي للعنصرية في بعض الأحيان، أو لحدوث كوارث نتيجة وضع الشيء في غير محله كمن يترك أسداً جائعاً مع أرنب في قفص بحجة أن كليهما ينتميان لعالم الحيوان، أو من لا يفرق في تصنيفه بين الصديق الناصح الذي يكون مضطراً أن يقول ما لا يطرب له المستمع وبين المنافق الذي…
السبت ١٢ مارس ٢٠٢٢
هلَّ علينا شهرُ شعبان مبشراً بقدوم شهر رمضان المبارك، ويحمل معه بشارات نبوية، وتنويها عظيماً بفضله ومنزلته بين الشهور، فقد روى الإمام أحمد في مسنده بسنده إلى أسامة بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقال أسامة: يا رسول الله، إنك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال: «أي يومين؟» قال: قلت: يوم الاثنين، ويوم الخميس. قال: «ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم». ولا تنافي بين العرضين فيوما الاثنين والخميس هما عرض الأسبوع، وشهر شعبان…
السبت ١٢ مارس ٢٠٢٢
يعد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، من الزعماء القلائل الذين يتصفون بصفات وخصائص قيادية فريدة، وقدرة فائقة على ابتكار الأفكار الخلاقة والمتجددة، فقاد بلاده إلى مدى تجاوز التوقعات وقهر المستحيل، وسموه قائد ملهم، يحمل رؤية ثاقبة جعلته من القادة الأكثر تأثيراً على مستوى العالم، حيث يمتلك سموه قاعدة كبيرة من المتابعين في حساباته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك»، و«تويتر»، و«إنستغرام»، ويعتبر من الرواد في تطبيق المشاركة الإلكترونية، ويطلق بانتظام جلسات حوارية عبر الإنترنت أو بشكل مباشر مع الجمهور، ليعزز سموه بذلك موقعه كقيادي مؤثر يمتلك رؤيةً ونهجاً وفلسفةً، أسهمت في جعل الإمارات واحةً للأمن والأمان والاستقرار والتسامح والانفتاح الحضاري، ومن هذا المنطلق وتلك الرؤية.. يدرك سموه أن الحضارة الإنسانية ارتقت من مراحلها البدائية إلى مراحل النهضة، التي نعيشها اليوم، من خلال الابتكار والتسخير الأمثل للموارد والعقول.. وأن العالم الذي نعيش فيه اليوم أصبحت فيه حركة…
السبت ١٢ مارس ٢٠٢٢
احتفاء الإمارات مؤخراً باليوم العالمي للمرأة، جاء جميلاً بدلالاته الأجمل التي تعبر عن جمال التجربة الإماراتية في تمكين المرأة. كانت المناسبة فرصة لاستعراض ما تحقق لها على أرض الإمارات انطلاقاً من رؤية ثاقبة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ مراحل مبكرة من تأسيس الدولة، وواصلت قيادتنا الرشيدة ذات النهج بمتابعة دؤوبة وجهود متواصلة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية. وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدى لقائه القيادات النسائية في الدولة، وهن يمثلن العديد من الجهات العاملة في البلاد الحكومية منها وشبه الحكومية ورائدات أعمال، بأن «تقدير المرأة منهج ثابت نسير عليه في الإمارات» و«على نهج زايد في دعم المرأة وتمكينها ومنحها الفرص المتساوية». وقد حرص سموه خلال ذلك اللقاء المبارك على تذكير المرأة بأدوارها التاريخية ومسؤولياتها الكبيرة،…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
السبت ١٢ مارس ٢٠٢٢
في العلاقات مع البشر ومع الأماكن ومع المدن، مع الفن ومع الأدب، في السياسة كما في عالم الفن ورموز السينما، هناك إعجاب وهنالك حب، ما نعجب به عادة يكون ملفتاً وفاتناً ومثيراً، لذلك فالإعجاب عاطفة لها مبرراتها، فأنت تبدي إعجابك بشخص أو مكان أو مدينة ثم تعدد أسباب هذا الإعجاب، وهنا يحضر المنطق وتحضر المبررات، ويكون جدل ونقاش وإقناع وعدم اقتناع! أما في الحب فيحدث أن تحب ما ليس فاتناً ولا جميلاً ولا ملفتاً إلا من وجهة نظرك أنت فقط! يحدث مثلاً أن تحب شخصاً عادياً ليس فيه ما يثير التفات أحد إلاك، فتصير تذكره وتتغزل به وتقارنه بآيات الحسن وربات الجمال، ثم تحب كل من يشبهه أو يمت له بصلة، أهله وحيه واسمه، وأنت في ذلك تتبع دين قيس بن الملوح إذ يقول: أحبُ من الأسماءِ ما شابه اسمها ووافقهُ أو كانَ منهُ مُدانيا وقد يكون ما تحبه وتتعلق به بلداً، أو فناناً أو كاتباً أو غير ذلك، دون…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الخميس ١٠ مارس ٢٠٢٢
ماذا لو قدر لكل إنسان أن يختار يوماً خاصاً يراه جديراً أو مناسباً لأن يكون يوم ولادته الجديدة، يسميه يومه كما يحتفل الإنسان بيوم ميلاده مثلاً، أو كما تحتفل الدول بيومها الوطني على سبيل المثال، إذ تمتلك هذه المناسبات أو الأيام خصوصية وجودية خاصة، وليس مجرد خصوصية كرنفالية، هذه مناسبات لا تتكرر ولا تتقاطع ولا يمكن استبدالها، إنها تواريخ وجدت فيها الدول بشكل مغاير عما كان، وولد فيها إنسان من العدم، وهكذا.. مع ذلك فالإنسان في هذه الحياة يمكن أن يولد أكثر من مرة، يولد ولادته القدرية التي لا يد له فيها، ويولد عندما يتغير مصيره إلى مسار آخر ينقله من ضفة إلى أخرى، ومن مصير لمصير مغاير، هذا يختلف تماماً عن الأيام الفاصلة في حياة كل الشعوب، كيوم المرأة، ويوم الأم مثلاً! فلا يوم يمكن اختراعه وتوزيعه بالتساوي على نساء العالم، ففي ذلك ظلم بما لا يقاس وعدم عدالة، وانتهاك لخصوصية التجربة، وتبديد للمعنى العميق والمضمر في التجربة: بجمالها…
الخميس ١٠ مارس ٢٠٢٢
في المنطقة الواقعة بين مبنى البريد المركزي ومركز مدينة زايد التجاري وسوق الخضراوات والفواكه بأبوظبي، شاهدت تجمعاً لمجموعة من العمال والأصوات تتعالى، كما لو أن مشادة قد اندلعت بين الموجودين قبل أن يتضح أنهم محتشدون حول سيارة توقف صاحبها بحثاً عن عمالة يتفق معها على عمل خاص به، في مشهد يتكرر كثيراً في المكان الذي اتخذت منه تلك العمالة وسيارات نصف النقل مركزاً للوجود لانتظار زبائنهم وأصبح مقصداً لهم من كل مكان. كما يتكرر المشهد ذاته في المنطقة الواقعة على الجانب الآخر من محطة الحافلات المركزية على شارع سلطان بن زايد الأول «المرور»، حيث تابعت ذات مرة تجمعاً للعمال بنفس تلك الطريقة الصاخبة حول سيارة يقودها مقيم أجنبي ومعه زوجته توقف للاستفسار عن محل في المنطقة قبل أن يغادر المكان سريعاً إثر تدافعهم على سيارته مع غياب أي لغة للتفاهم بين الجانبين. وعلى الرغم من كل التحديثات والتطوير والتنظيم الذي تحرص عليه وزارتا «الداخلية» و«الموارد البشرية والتوطين» وكذلك دوائر وهيئات…
الأربعاء ٠٩ مارس ٢٠٢٢
منذ عقدين تقريباً، كتب مهتمون بالهجرات البشرية والنزوح، تقارير لصالح مراكز أبحاث ودراسات موثوقة، جاء فيها على نحو متواتر، أن الهجرات الأوروبية المقبلة، سوف تكون وجهتها بلدان آسيا، وبنسبة أقل إلى بلدان أفريقيا، حيث الموارد الطبيعية في هاتين القارتين لا تزال غنيّة، ولم يجر استغلال بعضها حتى اليوم، إضافة إلى إمكانية وجود ازدهار اقتصادي وتجاري فيما بين بلدانها، مما يوفر الكثير من فرص العمل المغرية، وإذا سارت التوقعات على نحو متفائل، فإن الأسواق ستحتفظ بنمو مطّرد، برغم أن أغلب البلدان في القارتين - الآسيوية منها تحديداً - ليس بين مواردها الطبيعية طاقة كالنفط والغاز بما في ذلك الفحم الحجري. وعزا الباحثون السبب وراء الهجرات الأوروبية المتوقعة في المستقبل القريب، إلى أن القارة الأوروبية أصبحت قديمة، وهرمة، وتفتقر إلى عامل الحيوية الذي يجددها ويضخ في عروقها دماء جديدة، وهو عنصر الشباب الذي له انعكاسات ودلالات مباشرة في مجالي الإنتاج والتنمية الشاملة على وجه الخصوص. هذا هو الحال الذي تعيشه المجتمعات الأوروبية…
الأربعاء ٠٩ مارس ٢٠٢٢
في عالمنا اليوم أصبحت قروبات «واتس أب» جزءاً من تواصلنا واتصالنا، وجزءاً من محطاتنا اليومية نرسل ونتراسل ونستقبل أخباراً وصوراً وآراءً، حوارات هادفة وأخرى للتسلية.. وجانب خاص من قروبات العائلة التي يتسامر أفرادها أحاديثهم ويتناقلون من خلالها أخبارهم وصورهم ويعبّرون عن أفراحهم وأحزانهم، بل يتخطى الأمر أكثر من ذلك، لتصبح هذه القروبات مجالاً وفضاءً للمنافسة والتباهي وبعضاً من الجدل والجدال، ولا يخلو الأمر من بعض الرسائل المبطنة المقصودة من نجوم القروبات، هؤلاء ممن يتنافسون في الاختلاف فقط من أجل الاختلاف، كما تعرفون هم من أنصار «خالف تُعرف» هؤلاء ليس لديهم مبدأ ولا رأي، فقط، ما يريدونه هو أن يضعوا بصماتهم يميناً وشمالاً ليقولوا «ها أنا ذا، هنا أنا موجود»، وليت بصمته تلك نظيفة، لكنها ملوّثة بأدناس وأعراض الناس الذين يأكل لحمهم وينهشها، وهو العالم بقدر حاله ووضعه أنه ما كان ليجرأ أن يدلي بسطله وليس دلوه لو كان خطابه بالوجه وليس في الظهر أو عن طريق الكتابة المستترة أو المبطنة…
الأربعاء ٠٩ مارس ٢٠٢٢
التحضر ليس بدلة وربطة عنق، وليس حقيبة يد بعشرة آلاف دولار، وحذاء بأربعة آلاف، وليس حساباً يثقل صناديق البنوك، وليس المضاربات في أسواق الأسهم، وليس يختاً وطائرة خاصة، وبيتاً يشار إليه بالبنان، ولا يمكن أن يكون في البارات والحريات الشخصية، والمكملة للتفسخ البشري. التحضر سلوك نفسي، وطباع مترسخة، يتعلمها الإنسان من الذين عاش في كنفهم، ودرسوه كيف يكون إنساناً، بعد آلاف السنين، والتنقل من مرحلة إلى أخرى، اختفى ذلك الكائن المتوحش، الذي يمشي على رجلين، والذي لا يزال يعتبر أكثر الكائنات على وجه الأرض قساوة، دعكم من الأسود والنمور والذئاب والضباع، وأسماك القرش أو الأفاعي السامة والعقارب، فكل هذه المسميات، اخترع لها الإنسان مصيدة ومبيداً ورصاصة، وانتصر عليها. التحضر يعني التخلص من حياة الغاب، فهذه الأرض، تبيّن أنها تستوعب الجميع، جميع البشر والكائنات، بأشكالها وأنواعها وأدوارها في إحداث التوازن البيئي، فهي، وإن كانت مؤذية للإنسان في بعض الأحيان، إلا أنها تحقق له منافع كثيرة، وتنوع الدول والبلدان والقرى والمدن، يحقق…
الثلاثاء ٠٨ مارس ٢٠٢٢
انشغلت العديد من الجهات العلمية والبحثية المهمة في احتضان بذور الفلسفة الدينية، سعياً منها للوصول لثمار أكثر قرباً من الينع، في الموضوعات والزوايا الحرجة التي تتضمنها. من بين هذه الجهات: جامعة نوتردام في «إنديانا» بالولايات المُتحدة الأميركية، وجامعة «يل». وفي بريطانيا جامعة أكسفورد، وكلية كينجز لندن، اللتان تحظيان بديمومة طرح «كرسي أكاديمي» يختص بدراسة فلسفة الدِّين. فهل سيُتَبَعُ في دراستها إلزامية «الخطوط الحمراء» التي لا يجوز تجاوزها؟ وكيف يمكن تحديد نطاق قائم بأساسه على إطلاق العنان، وكيف يمكن تأطير أهم الموضوعات في سياقها؟ فلسفة الدين تقدم خطاباً عقلانياً باحثاً في مضمار ماهية الدين، سيما أنه يعبر عن اهتمام بالغ للوصول لسدة الإدراك المتعلق بطبيعة الدين من حيث إيجاد آخر نقاط امتداده على تضاريس ملامح الحياة المتنوعة، بل إنه يتعدى ذلك وصولاً لإلماحات «الميتافيزيقيا»، ومن ذلك يحاول «القلم الفلسفي» رسم خطوط عريضة تجيب الإنسان عن تساؤلاته حول امتداد الدين (بين الدنيا والآخرة)، ومصدر الدين، طارحةً قضايا الوجود الإلهي، وأفعاله المتصرفة في…