الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٨
اليوم يقف جموع الحجيج على صعيد عرفات الطاهر، وهم يقضون الركن الأعظم من مناسك الفريضة، وقد جاؤوا من كل فج عظيم في أعظم مظهر لوحدة المسلمين، لا فرق بين أبيض وأسود وعربي أو أعجمي، غني أو فقير. مشهد عظيم عظم الرسالة التي جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين، ترسم للبشرية معالم حياة سعيدة أساسها الاحترام والتفاهم والمحبة والانفتاح والعيش المشترك بين الأمم والشعوب. عندما يتابع المرء هذه الأمواج البشرية من ضيوف الرحمن الذين تستقبلهم المملكة العربية السعودية الشقيقة كل عام، وعلى مدار العام خلال مواسم العمرة يستحضر الجهود العظيمة والكبيرة للقيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وحكومته الرشيدة، وما تقدمه من خدمات لتيسير وتسهيل أداء حجاج بيت الله الحرام الشعائر والمناسك بكل يسر وسهولة، مستفيدين من أرقى الخدمات والتجهيزات والاستعدادات الكبيرة الموضوعة لأجلهم. لقد مثل «هاكاثون» الحج الذي سبق موسم حج هذا العام نقلة نوعية هائلة…
الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٨
عرضت في المقال السابق نظريات كل من هشام شرابي ومايكل هدسون وهرناندو دوستو وطه حسين، ومن قبله شكيب أرسلان عن أسباب تخلفنا عن بقية الأمم، والتخلف ليس عيباً، فالتخلف عن الركب يعني إمكانية اللحاق به، ومن هذا المنطلق أناقش سؤال لماذا تخلفنا، وأدعو إلى جهد جماعي لمناقشة أسباب هذا التخلف، ورصد تجلياته، بهدف الخروج من براثن مأزق التخلف. كانت فكرة طه حسين، الذي كان وزيراً للمعارف المصرية، أن أسباب التخلف تكمن في طبيعة التعليم ومناهجه وطرق التدريس، ورأى في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر» أن على المصريين أن يعلموا أبناءهم وبناتهم كما يعلم الأوروبيون والأميركان أبناءهم وبناتهم، إذا كانوا يريدون الانعتاق من ذهنية التخلف والعبودية، وقال: «لا يستقيم للعقل أن ننشد الحرية ونسير إليها سير العبيد»، وطبيعة التعليم والتلقين كانت بالنسبة له العلة الأكبر. ولم يدم طه حسين طويلاً على رأس منظومة التعليم، وكان سكرتيره أيامها سيد قطب الذي أُرسل لأميركا في بعثة لتحديث مناهج الدراسة، وعاد سيد قطب من…
علي عبيدكاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة
الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٨
قبل عام من الآن، في مثل هذه الأيام، في هذا المكان، في هذه المناسبة، مناسبة عيد الأضحى المبارك، كتبت تحت عنوان «أمة تنتحر»: (نحن أمة تنتحر، والتعبير ليس من عندي، وإنما هو للشيخ عبدالله بن بيّه، أحد أكبر علماء الأمة المعاصرين. وقد جاء وصفه هذا في مجال تشخيصه حال الأمة الذي قال إنه كارثي). يومها لامني بعض الإخوة والأصدقاء، وقالوا إن نظرتي تشاؤمية، وعاتبني البعض قائلاً إنني ضيقت هامش الأمل كثيراً، ولم أنظر إلى نصف الكأس الممتلئة، بينما قال البعض إنهم يوافقون رأي الشيخ العلامة عبدالله بن بيّه، الذي يمثل الاعتدال بين علماء الأمة الإسلامية في هذا الزمن، الذي طغى فيه التطرف والتشدد على الاعتدال والوسطية، وانتشر فيه تكفير المعتدلين من علماء الأمة وأفرادها الذين ينبذون أفكار المتطرفين، ناهيك عن تكفير أصحاب الديانات الأخرى، واستباحة دمائهم، والدعوة لقتلهم وإبادتهم، وكأن الإسلام جاء لإبادة الجنس البشري. ومحو أصحاب الديانات والملل الأخرى من على ظهر البسيطة، وهو ما لم يرد في دستور…
الأحد ١٩ أغسطس ٢٠١٨
بعد ستة أسابيع من إعادة انتخاب رجب طيب إردوغان رئيساً لبلاده، تشهد الليرة التركية انحداراً رهيباً لم يعرف مثيله الاقتصاد التركي، بعد انخفاضها أكثر من 40 في المائة منذ بداية العام، قبل أن تأتي القشة التي قصمت ظهر البعير بتطبيق العقوبات الأميركية، مع التذكير هنا بأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم والحديد الصلب التركي، ليست كامل القصة في الأزمة التي تعصف بالاقتصاد التركي بل جزء منها. لم يتأخر الساسة الأتراك في الرد، وعلى رأسهم إردوغان ورئيس وزرائه ووزير خارجيته، في توجيه أصابع الاتهام إلى وجود مؤامرة، وأن ذلك أفضى إلى هذه الحالة المزرية التي بلغها الاقتصاد التركي، الذي أساساً يكابد ديوناً خارجية عالية للغاية، وتضخماً مرتفعاً بشكل حاد بنحو 15 في المائة («ستاندرد أند بورز» توقعت أن التضخم سيصل إلى ذروته عند 22 في المائة على مدار الأشهر الأربعة المقبلة). وبالطبع، فإن مبرر المؤامرة كان الأسهل تناولاً لدى سياسيي أنقرة، بدلاً من الاعتراف بما يحدث، كان من الصعب عليهم الإقرار بهشاشة…
الأحد ١٩ أغسطس ٢٠١٨
في كل زمن هناك أداة تكون هي سيدة الوقت. وكل أداة تواصل تسيطر على أذهان الناس ويلجأون إليها في بث مطالباتهم أو اعتراضهم تكون هذه الأداة هي السلطة الحقيقية والتي تحسب أنها تمثل ضمير الأمة. وتكون هذه الأداة أداة ضغط يلجأ إليها الأفراد من أجل التأثير على السلطة. وهناك مقولات بها من العمق ما يجعلها نبراسا، ومن تلك الأقوال جملة للدكتور غازي القصيبي (رحمه الله) نصت على أن: «السلطة لم تكن يوما - في الغالب - فعلا، إنها على الدوام ردة فعل». ومن يريد التأكد من صدق المقولة عليه أن يجول بفكره في أي سلطة وفي أي مكان ليعرف أن السلطة ما هي إلا ردة فعل، وتحرص السلط جميعها على أن تكون مستجيبة لإرضاء من يقع عليه أثر تلك السلطة. ومن المعروف أن هناك مدخلات ومخرجات على أي قرار سياسي أو اجتماعي، وتكون المخرجات ملبية لاحتياجات المحيط الذي تتواجد به، وأجد أن ما سبق التأكيد على قوله كان في الزمن…
فاضل العمانيكاتب سعودي مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني
الأحد ١٩ أغسطس ٢٠١٨
تُقاس المجتمعات والشعوب والأمم، بما تملك من ثروات وقدرات وإمكانات، بشرية ومادية، وبما تحمل من قيم وعادات وثقافات، إيجابية وسلبية، فتلك هي «السلة الحقيقية» التي يُمكن إخضاعها لمعايير ومقاييس التقدم والتطور والازدهار لتلك المجتمعات والشعوب والأمم.. والكتابة عن تلك الحزمة الكبيرة من الثروات والثقافات التي تتشكل منها المكونات البشرية، يتطلب قدراً من الشفافية والموضوعية والواقعية، فضلاً عن المساحة والفضاء والقناعة، ولكن قبل كل ذلك، مجموعة كبيرة من المعلومات والحقائق والدراسات، وهذا الأمر لا يتوفر عادة في مقال محدود كهذا، يُحاول أن يُقارب/ يُلامس بعض الثقافات العربية التي تسببت وما زالت في تراجع/ غياب العالم العربي عن ممارسة دوره الريادي والتنويري والنهضوي الذي يتناسب مع حجمه المعرفي والثقافي والتاريخي وثقله الحضاري والسياسي والاقتصادي، الأمر الذي كلّفه عدم المشاركة في صنع المشهد الكوني الذي تشكّل منذ عقود. كثيرة هي الثقافات العربية التي تسببت وما زالت في تعطيل «المشروع النهضوي العربي»، هذا في حالة وجوده أصلاً، هذا المشروع/ الحلم الكبير الذي لم يخرج…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٨
في تجمّع حزبي عام 2014، تعرضت السيدة إلهان عمر، الأميركية من أصول صومالية، للضرب من أشخاص مجهولين بسبب حجابها وبشرتها السمراء، وهي التي كانت تتولى إدارة الحملة الانتخابية لسياسيين كبار لعضوية مجلس الشيوخ، إلا أن ذلك لم يجعلها تخاف أو تتراجع أبداً، بل منحها المزيد من الإصرار على الاستمرار، لكن إلى أين؟ إلهان عمر الفتاة التي وُلدت في الصومال عام 1982، ثم وبسبب اشتعال الحرب في بلدها عام 1991، لجأت مع أسرتها إلى كينيا، وهي طفلة في التاسعة من عمرها، لكن الحياة في مخيمات اللاجئين البائسة لم تبدُ حلماً يمكن الاستمرار فيه، ما قاد خطى العائلة إلى الولايات المتحدة عام 1995، وهناك تعلمت إلهان الإنجليزية بسهولة، واجتازت مراحل الدراسة كلها بنجاح حتى حازت درجة البكالوريوس في العلوم السياسية ودرجة أخرى في الدراسات الدولية من جامعة نورث داكوتا، ليصبح الطريق ميسراً أكثر مما تخيلت ذات يوم وهي تقف على أبواب إحدى خيام اللجوء في كينيا. إلهان عمر، هي نفسها التي ستتصدر…
السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٨
أمضيت بضعة أيام في محيط جزيرة تيران، في شمال البحر الأحمر على باب خليج العقبة. لكنها أكثر من مجرد جزيرة، شاهد واقف حي على تاريخ المنطقة. شاهد على الأخطاء العربية والإقليمية التي جلبت الكوارث على نفسها لنحو قرن من الزمن. على صخرة تيران تحطمت أحلام العرب، وقبل أن أروي قصتها، تذكرني تيران اليوم، بحروب حلم إيران في المنطقة التي ستدمرها، وبعنتريات صدام في العراق. وكلنا نرى كيف تسير تركيا أيضاً في الدرب نفسه الذي سار فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1967. تيران تشرف على ممر مائي ضيق (مضيق)، أربعة كيلومترات فقط، الوحيد الذي تعبر منه السفن من وإلى ميناءي العقبة الأردني وإيلات الإسرائيلي. كانت أهم أسلحة عبد الناصر تحشيد الشارع، بشخصيته المبهرة يحركها من الخليج إلى المحيط. لكنه مع تزايد الخطب الإذاعية وقع في فخ الشعبوية. وفي يوم 13 مايو (أيار) وقع في فخ أكبر، فقد هدد إسرائيل بأنه سيغلق مضائق تيران رداً على تقرير سوفياتي مغلوط. أرسل…
السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٨
كل الكيانات في المنطقة التي تشهد اليوم أوضاعا غير مستقرة، هي في الغالب تلك التي شاركت ومثلت أضلاع المربع الأخطر الذي أراد الإحاطة بالمنطقة في أحداث ما سموه بـ(الربيع العربي)، وما يحدث لهم هو بمثابة ارتدادات تلك العملية المريعة التي شهدتها المنطقة والتي لا تزال نتائجها المدمرة ونيرانها المشتعلة في أكثر من مكان. قطر وإيران وتركيا، بكل ما يتبع لها من خلايا وتنظيمات ومؤسسات وميليشيات هي اليوم في زاوية الخسارة لكنها لم تعترف بعد ولا تزال في حالة إنكار وهروب من تورطها في ذلك المشروع التدميري الأسود. كان الراعي الأبرز الذي منحهم القوة ليكونوا أعضاء في ذلك المشروع، الإدارة السابقة في البيت الأبيض وما تحمله من قيم ونظريات سياسية لا علاقة لها بالواقع ولا بقراءة النتائج التي يمكن أن تؤول إليها الأمور في المنطقة. مثلت الأنظمة في كل من الدوحة وطهران وأنقرة الوكلاء لتنفيذ وإدارة واستثمار كل ما شهدته المنطقة من أحداث لصالحهم؛ وحيث إن لكل نظام من هذه الأنظمة…
السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٨
كتب كثيرون - وأنا منهم - عن النظافة بشكل عام والنظافة في المدارس بشكل خاص. الأستاذ مشعل السديري اقترح في أحد مقالاته على وزير التعليم أن يفرض على الطلاب تنظيف فصولهم ومدارسهم في كل يوم أو في كل أسبوع. التعليقات على هذا الاقتراح انقسمت بين مؤيد ومعارض، المؤيد يرى أن مشاركة الطلاب في العناية بالمدرسة هي جزء من رسالة المدرسة التربوية، وسوف تساهم في بناء شخصية الطالب وتعويده على العمل الجماعي وتحمل المسؤولية، وسوف ينطلق بعد ذلك ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع يفكر بطريقة إيجابية، ويمارس القيم التربوية التي تعلمها في البيت والمدرسة ومنها النظافة. أما المعترض على الفكرة فيرى من زاوية أخرى، ويحتج بأن التنظيف ليس مهمة الطلاب، وإنما عمال النظافة، وبعض المعترضين ينطلقون من ثقافة العيب. شخصياً أتفق مع مقترح الأستاذ مشعل وأنضم إلى موقف المؤيدين للفكرة، وأرى أهمية التنسيق والتعاون بين البيت والمدرسة في هذا الشأن، وأقترح أن تكون بداية المشاركة اختيارية ثم تتطور تدريجياً حتى تتحول…
السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٨
من المهم أن نؤمن بأننا نعيش في هذا المجتمع في حالة سِلم ولسنا في حالة حرب، وأن أي قرار يصدر كان مرفوضاً من فئة (ما) لأي مبرر لا يعني أن صدور القرار هو انتصار على هذه الفئة لأننا لسنا في حرب معهم. أقول هذا وأنا أتابع مجريات بعض الأحداث بعد مرور أكثر من شهر على قيادة المرأة للسيارة، وما شاهدت من فيديوهات وقصص انتشرت وهي قليلة ولله الحمد لكن مهم جداً قراءاتها ونقدها وتلافي هذه الأخطاء، فحكاية الفتاة التي أضرم شباب مجرم النار في سيارتها كما تقول شقيقة الجاني أنها بادرت في استفزازه، وهذا تصرف مرفوض وهو لا يبرر فعلته الشنيعة والجنوح إلى الجريمة، لكن يظل هناك أمر يحتاج إلى قراءة واعية في أن قيادة المرأة للسيارة أو غيرها من القرارات هي خرجت لصالح المجتمع بكل فئاته، وهي ليست انتصاراً لأحد، لأنني كما أسلفت لسنا في حالة حرب. ومشهد آخر لإحدى المشهورات السنابيات وهي تمر من جانب رجل ملتحٍ تظهر…
الخميس ١٦ أغسطس ٢٠١٨
ذكرنا في مقال سابق بتاريخ 30 مارس 2017 أن شركة جيليت لأدوات الحلاقة وأدوات العناية الشخصية، استخدمت عبارة ما يستحقه الرجال لترويج شفرات الحلاقة التي تصنعها. ومازلنا في سياق الحديث نفسه، حيث إن «جيليت» ربطت بذكاء بين منتجها والرجولة، وهي رسالة تصل إلى كل الشريحة المستهدفة من المستهلكين، ومن قوة العبارة لم تغيرها الشركة منذ عام 1989 حين أطلقتها خلال مسابقة السوبر بول الأميركية، وتُرجمت إلى 14 لغة. «جيليت» وكل الأمثلة التي ذكرناها في المقال السابق لم تأتِ بتلك الأفكار من فراغ، بل كان هناك ملهم واحد: شركة بيبسي كولا! إليكم القصة: عام 1957، شركة بيبسي تتخبط وتعاني أزمة هوية لا تعرف من تستهدف، ورغم كل الجهود التسويقية المبذولة إلا أن المنافس الشرس (كوكا كولا) كان طاغياً ومهيمناً على السوق. كان العيب في التسويق والعلامة التجارية وروح المنتج، كانت الشركة بلا شخصية ولا اتجاه، بينما كانت «كوكا كولا» تعيش عصراً ذهبياً بعد إقناع المستهلك الأميركي بأن مشروبها يمثل روح الحياة…