على أبواب دمشق

آراء

لم يعد لنظام آل الأسد أية سلطة في سوريا إلا على شبيحته وبقايا بعثه، أعوانه يتساقطون بالساعة الواحدة، والحكيم منهم يسارع، في ساعات النظام الأخيرة، للنجاة بنفسه من نهاية موشكة. يا الله.. كم تتشابه نهايات الفاجرين والمستبدين! إذن النهاية عند الأبواب، فالجيش الحر يحكم قبضته على دمشق، وقد تكون ساعات قبل أن يدير عملياته من داخل القصر الجمهوري أو مبنى الاستخبارات العسكرية. والأهم من ذلك أن الشعب السوري قد قال كلمته وأصدر قراره بزوال نظام آل الأسد إلى الأبد.

كتبناها كثيراً ونعيدها كثيراً: «من أمنه شعبه أمن شعبه». لم تعد عقلية القمع قادرة على حكم الناس وإهانتها وإذلالها، وتلك واحدة من مشكلات الأنظمة القمعية في عالمنا. فما لم تكسب الأنظمة الحاكمة قلوب وعقول شعوبها فلن تقوم لها قائمة. أمن النظام في أمن شعبه، وقوة أي نظام في قوة داخله، وقوة الداخل لا تأتي بالترهيب وبالقوة ولكنها أولاً بالقناعة والتفاهم. النظام القوي هو الذي يهب شعبه وقت المحن للدفاع عنه، وهو من يصر الناس على بقائه لأنه فعلاً يمثلهم ويرعى مصالحهم ويخاف على مستقبلهم. أما من يحتل شعبه تحت عناوين كاذبة وباهتة، مرة باسم العروبة وأخرى باسم محاربة العدو، فتسحل جثث رموزه في الشوارع والميادين عند أقرب فرصة.

الآن سوريا توشك على دخول مرحلة جديدة، وهي مرحلة صعبة وقاسية ولكنها أرحم مليون مرة مما مرت به البلاد خلال الأربعين سنة الماضية. مُخْطِئ من يظن أنه سيعلم السوريين كيف يبنون دولتهم الجديدة. ومُخْطِئ من يظن أنه سيستغل الظرف الصعب من أجل مكاسب سياسية أو اقتصادية على أرض أنهكها طول الانتظار للخلاص من القاتل وزبانيته. لكنه مهم جداً أن نكون مع السوريين، بالدعم والمؤازرة، في مرحلتهم القادمة، وهي على الأبواب.

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٩-٠٧-٢٠١٢)