عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الأحد ٠٦ مارس ٢٠٢٢
إن تغيير توجهات الفرد، وتحويل خياراته وتفضيلاته في الحياة من شكل إلى شكل آخر، وإقناعه بالقراءة مثلاً، وتعويده على زيارة المتاحف أو دور الأوبرا، وهكذا، ليس أمراً سهلاً كما قد نتخيل، إن تربية الإبداع علم قائم بذاته، وتربية الذائقة لدى الإنسان طريق طويل ومكلف. وليس بالعمل الذي يمكن إنجازه في غمضة عين، إنه يحتاج لزمن واستعداد واستمرارية وإرادة مجتمعية أيضاً. في الحقيقة إننا بحاجة في هذا الاتجاه إلى أن يعمل المجتمع والإعلام ومؤسسات عديدة على الاهتمام بالإبداع وتطويره دون تردد أو تشكك، ولعل تطوير علاقة حميمة مع الكتاب والسينمائيين والمفكرين وعناصر المعرفة الأخرى هي أكثر أشكال الاستثمار الإنساني العميق والحقيقي، الذي نحتاجه اليوم أكثر من أي شيء آخر. كثير من شبابنا توجهوا وبقوة نحو الكتابة والتشكيل والسينما والعمل الإبداعي المستقل وبعيداً عن المؤسسات البيروقراطية، وبدأنا نسمع ونتابع بشغف وحرص بروز أسماء شابة تبشر بمستقبل واعد إذا تم الاشتغال عليها ثقافياً ومعرفياً، نحن هنا لا نستعجل نضوج التجربة ولا قطف الثمرة…
السبت ٠٥ مارس ٢٠٢٢
في الوقت الذي ترتعد فيه الفرائص، من شديد ما تبديه الطلقات من فحش، وتوحش، نجد الإمارات بحزمة الأخلاق العالية، والقيم الرفيعة، تحضر وفي الأيدي بلسم التداوي، وأكسير الحياة، وفي وقت نفض فيه العالم يديه متفرجاً، مبهوتاً لما يحدث على أرض من سكنی البشر، نجد الإمارات تكسر حاجز الصوت، وتمضي قدماً متأزرة بإرادة الأوفياء، متأبطة حالتها الإنسانية من دون وجل، أو توجس، حيث الواجب الإنساني يغلب على كل الاعتبارات، ويفوق كل التصورات، فها هي تطور الديار، وتنعم بقيمها، وشيمها، وقدرتها على اختراق نواصي الخلافات بين الدول، مقتنعة بأن الحل هو أن تتواصل الدول، وأن تعمل جاهدة على كنس غبار الأحقاد، ليحل السلام، وتمتلئ جعبة الكون بعطر التسامح ونهج الكرماء في هذا الوقت الذي تدور فيه رحى الكراهية، وتطحن أرواح الأبرياء، وتخوف الأطفال، وتروع النساء، تدخل الإمارات من نافذة العفوية، وبراءة الأصفياء لتضع يداً على جبين من فقدوا المأكل والمسكن، وتعضد من فقد الأمن والطمأنينة. الإمارات في الزمن الذي تتأكل فيه شحمة…
الخميس ٠٣ مارس ٢٠٢٢
هذه هي الحرب فلا تستغربوا تضارب الأخبار واختلاف الروايات، فكل الأطراف في المواجهات المباشرة لا تقول الحقيقة، وأقصد هنا الحقيقة المحايدة والمجردة من العواطف، ولا يمكن أن تطالب بذلك، لأنها تنطلق من رؤية وطنية لحدث مصيري، حيث يصطف الجميع خلف جيش بلادهم، ويدعمون مواقف قياداتهم، دون أن يناقشوا الخطأ والصواب، فتلك «السفسطات» يحين وقتها بعد أن تعود الأسلحة إلى مخازنها والجنود إلى ثكناتهم. أوروبا تريد من «روسيا اليوم» و«سبوتنيك» أن تكونا محايدتين في حرب أوكرانيا وألا تنحازا لبلادهما، وهذا طلب يثير الدهشة، فأوروبا هي أول من اخترع فنون استخدام الإعلام في المعركة كما يقولون، وكان الراديو فاعلاً في الحرب العالمية الثانية، منها كان يستقي الناس تطورات الأحداث ومتغيراتها، ويستمعون إلى تطمينات القادة، ويتابعون تراجعات الأعداء وهزائمهم في الجبهات، سواء كان ذلك واقعاً أو من نسج خيال معد التقارير الجالس خلف مكتبه في الإذاعة، وفي المقابل كان «غوبلز» وزير الدعاية النازية وصاحب قواعد التأثير النفسي للإعلام خلال الحرب يواجه بقية أوروبا…
الخميس ٠٣ مارس ٢٠٢٢
بعض الجهات وبالأخص شركات الخدمات التي أنيط بها إدارة بعض المرافق العامة والخاصة لا تنظر لما أسند إليها من تعهيد إلا من منظور واحد، تحقيق أقصى ربحية باستحداث وابتكار رسوم «غريبة»، من دون إدراك أبعاد المبالغة في فرض وتحصيل تلك الرسوم التي تمثل عبئاً يثقل كواهل المتعاملين معهم، وتترتب عليه تداعيات تمسهم وتؤثر عليهم. قبل أيام، تابعت ما تعرض له أحد الإخوة المواطنين من جانب شركة خدمية مسؤولة عن تكييف المبنى الذي يقطنه في العاصمة، فخلال فترة العمل عن بُعد، كان في مدينة أخرى لبعض الوقت، وعندما عاد لمسكنه فوجئ بقطع خدمات التكييف عنه، ذهب مستفسراً قيل له إن قطع الخدمة بسبب تأخره في سداد فاتورة بقيمة 400 درهم، ولاستعادتها خلال 48 ساعة عليه دفع المبلغ المستحق مضافاً إليه غرامة تأخير قدرها 1050 درهماً، أما إذا أراد استعادة الخدمة بصورة فورية، فمطلوب منه إضافة 500 درهم لتلك المبالغ، ليجد نفسه مطالباً بدفع 1950 درهماً عداً ونقداً لتسوية فاتورة بقيمة 400…
الأربعاء ٠٢ مارس ٢٠٢٢
تسعى دولتنا دائماً لتكون مركزاً تجارياً مستقطباً ومشجعاً للاستثمار، ونشاهد بين حين وآخر توجهات وسياسات حكومية لتغيير منظومة الأعمال التجارية، لتواكب التطلعات العالمية، والمحافظة على مكاسبنا الوطنية في هذا الجانب، ومن بين تلك التوجهات التي يقال عنها هنا وهناك أن حكومتنا ستتوجه في الأيام المقبلة نحو تطبيق مبادئ التجارة الحرة، والسماح للجميع بأن يكون جزءاً من هذه التجارة، بعيداً عن التوكيلات والوكالات التجارية التي تحد في كثير من الأحيان من مبادئ المنافسة العادلة، وتستغل المستهلكين، لعدم وجود من ينافسها. ربما تظهر هذه المشكلة جلياً في وكالات السيارات، حيث يوجد فرق كبير بالسعر بين السيارات المبيعة داخل الوكالة وخارجها، وفي المقابل يقدم الوكيل خدمات بسيطة لا تتناسب مع حجم الفرق بين السعرين، وفي جانب آخر، إن بعض وكالات السيارات ترفض استيراد سيارات بمواصفات مخصوصة، لحجب سياراتها عن فئة من الناس، وجعلها مناسبة لطبقة معينة، وقد أخبرني أحد الأصدقاء عن سيارة تُباع في دولة مجاورة، وتختلف بمواصفات بسيطة جداً، تكاد لا تذكر،…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الأربعاء ٠٢ مارس ٢٠٢٢
حليب أسود تجربة فاتنة حقاً للكاتبة ألف شفق. وهو عبارة عن مذكرات تحكي فيها عن تجربتها مع اكتئاب ما بعد الولادة، وما واجهته من مخاوف ومصاعب تجاه مرحلة الأمومة التي ستقبل عليها، ومدى تأثير المخاوف التي تسيطر على المرأة في خضم هذه التجربة، وخاصة حين تتشظى بين أمومتها وإبداعها ككاتبة وروائية، فيجف حليبها أو يتحول إلى حليب أسود في اشتباك رمزي مع لون الحبر ومعنى الكتابة، وهنا تبدأ الذات المبدعة باستدعاء الأوهام والخيالات ونصائح الجدات! إلى جانب المتعة وخفة الروح والطرافة في هذا الكتاب، فإنه كتاب يمكنه أن يعين النساء ليتصالحن مع ذواتهن المتشظية والقلقة وبأسلوب لا يثير الأسى، أو يلعب على نغمة الاضطهاد. جاء في مقدمة الكتاب (لا توجد حقيقة ناصعة مثل بياض الحليب، فلماذا أصبح الحليبُ أسودَ؟ تحت هذا العنوان اللافت للنظر تضعنا الروائية ألِف شفَق أمام سر كبير، كما في أسرار العشق الأربعين. في هذا السر تصف الروائية تجربة مظلمة لا تصيب بالضرورة كل الأمهات حديثات الولادة،…
الأربعاء ٠٢ مارس ٢٠٢٢
لأن المشاعر شاغلي وانشغالي، قررت التوقف في محطة جديدة تماماً في حياتي وتغيير مساري لإعداد نفسي للتعلم وللعزلة والتأمل، فقط لأراقب ذلك الطيف المتغير من الأحاسيس التي سأعيشها بسبب التجربة الجديدة منذ أن قررت مؤخراً ترك وظيفتي (والتي يعتبرها زملائي الحلم المهني لأي إعلامي) وأنا في قمة نجاحي بعد أربعة وعشرين عاماً. اتخذت هذا القرار لأعيش مشاعر جديدة وأجرب أفكاراً مختلفة، وأفعل أموراً كثيرة كنت أسرق الوقت لكي أقوم بها واعتقدت دوماً أنها ستجعلني أسعد. وها أنا اليوم بعد ستين يوماً كاملة أحاول أن أستوعب جمال هذه المساحة التي وهبتها لنفسي بذلك القرار الذي استهجنه أغلب من أعرفهم، ولكنهم وعلى ما يبدو لم يعرفوني! كنت ولا زلت على قناعة تامة بأن المشاعر الإنسانية التي نحملها عن أنفسنا وعن ما هو حولنا هي أكثر ما يثير انتباهي واندهاشي ويستفزني للكتابة، إنها عالم مثير يستدعي التأمل، والتمعن والتحليل والتفسير، بل وتغير الحال إلى حال آخر لاختبارها. وإني على قناعة لا تشوبها شائبة…
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢
كُتبت الكثير من التحليلات عن الحرب الروسية - الأوكرانية حتى قبل بدايتها وتحدث عنها المحللون في كافة وسائل الإعلام بدءاً من أسبابها وتطوراتها وحتى النهايات والسيناريوهات المتوقعة لها. في الأزمات والحروب كل يدلي بدلوه، منذ بدء الأزمة الأوكرانية والعالم يترقب ويتابع، وبما أن الأحداث السياسة مغرية خاصة للشعوب العربية نجد أن الكل يحلل حسب ما يراه، وهنا مربط الفرس، التحليل السياسي يحتاج من المحلل امتلاك المعلومة أو جزء منها أو المهارة والقدرة على رصد المؤشرات والمتابعة الدقيقة للأحداث ليبني عليها تحليله ورأيه بواقعية علمية بعيداً عن العاطفة والأهواء الشخصية والرغبات والتمنيات. إن المتابع لما ينشر في وسائل الإعلام عن تطورات الأزمة الأوكرانية يرى أن الحرب الإعلامية أكثر حدة وشراسة من ميدان المعركة، فأحياناً يلعب الإعلام دور المعلق الرياضي في مباراة كرة القدم فيجعلها مباراة حماسية ولو تابعتها من دون تعليق لسببت لك النعاس من بطء رتمها. حقيقة أننا نتلقى المعلومات والتحليلات من وسائل الإعلام وبناء على ما نستقبله منها تتكون…
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢
أحداث في التاريخ الإنساني تكتسب أهميتها في كونها تمثل انتقالاً مفصلياً في توازن القوى الدولية. والحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا يمكن وضعها، بامتياز، ضمن تلك الأحداث. ولم يجانب الرئيس الأمريكي، بايدن، الصواب حين قال إن العلاقات الدولية، بعد هذه الحرب، ستتغير جوهرياً، وإن ما بعد حرب روسيا على أوكرانيا، ليس كما قبلها. وليس بالمستبعد، أن تسطّر نتائج الحرب شهادة الوفاة للنظام العالمي الذي ساد بعد نهاية الحرب الكونية الثانية، لينبثق من رحم أحداثها نظام دولي، يعكس الحقائق الجديدة لتوازنات القوة. فهذه الحرب، رغم أنها تدور بين روسيا وأوكرانيا، لكنها في حقيقتها، حرب بين الشرق والغرب. والروس أشعلوها للحيلولة دون انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، ولعدم تمكينها من حيازة أسلحة نووية. وفي الحروب ليس هناك حق أو باطل مطلق، فهي صراع بين إرادات. والأزمة الأوكرانية ليست وليدة اليوم، ولا يمكن قراءتها خارج التاريخ المعاصر. انتهت الحرب العالمية الثانية، بهزيمة ألمانيا عام 1945، بعد اجتياح واسع للقوات السوفييتية من الشرق إلى الشطر…
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢
تواجه معظم دول الشرق الأوسط العديد من التحديات الاقتصادية والأمنية وضعف البنية التحتية، وأخيراً ظهرت مشكلة أخرى، وهي الفقر الرقمي، فمع نهاية عام 2021 أصدرت منظمة اليونيسيف تقارير ونداءات عدة توضح بالأرقام حجم المأساة التي يتعرض لها الطلاب، فمثلاً هناك 39 مليون طالب (40% من تعداد الطلاب) لم يتلقوا دروساً خلال أزمة «كوفيد» بسبب الاغلاق، وعدم وجود تعليم عن بُعد لضعف الإنترنت، أو لعدم وجود تيار كهربائي مستمر، أو لعدم وجود أجهزة رقمية من الأساس، ما زاد الفجوة الإلكترونية، أو على حد تعبير التقارير «الفقر الرقمي». وأوضحت «اليونيسيف» أن بعض البلدان، مثل ليبيا والسودان وسورية واليمن، تقل نسبة الحصول على الإنترنت عن 35%. إن فقدان فرص التعليم لدى 40% من طلاب المنطقة هو خطر كبير جداً، فهؤلاء الطلاب سيستغرقون الكثير من الوقت لاستدراك ما فاتهم من تعلم - هذا بافتراض أن هناك خطة استدراكية من الأساس - وستكبر هذه المشكلة وتتضخم ككرة الثلج مع مرور السنوات، حيث سيتأثر مستوى تحصيل…
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢
أن يكون المواطن أولاً وثانياً وثالثاً، أمر بات من الواضح للجميع مدى ترجمته بواقع يلمسه أبناء الإمارات في كل المشاريع والسياسات والخدمات الحكومية، ولكن حكومة الإمارات، برؤية قيادتها الشاملة، تنظر إلى أبعد من ذلك وتعمل بأجندة واعدة لازدهار ورفاه المواطن والارتقاء بجودة حياته إلى مستويات غير مسبوقة ومن جميع النواحي. تأكيد محمد بن راشد أن «المواطن سيبقى أولوية.. سكناً.. وتنميةً.. وتعليماً.. وفرصاً وظيفية واقتصادية»، وأن «المواطن هو بوصلة الحكومة»، يجسد نهجاً متصاعداً في تمكين المواطنين، تصادق عليه قرارات فاعلة اعتمدها مجلس الوزراء أمس، برئاسة سموه، وكلها قرارات من شأنها أن تحقق نقلات قياسية في ملفات حيوية، وتوجه البوصلة نحو إحداث تأثيرات إيجابية بالغة في حياة المواطنين مباشرة، وبشكل شامل في مجالات عدة، وفي جميع مناطق الدولة. إسكان المواطنين يبقى على الدوام في صدارة الأولويات على أجندة الحكومة، واعتماد المجلس ميزانية ضخمة لقروض إسكان برنامج الشيخ زايد بكلفة تبلغ 12 مليار درهم خلال السنوات المقبلة، ينتقل بهذا الملف إلى مرحلة إنجاز…
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢
نعيش اليوم في كم هائل من إعادة التدوير لما يطرح من صناعة السخف والتفاهة في عالمنا، حتى أصبحنا محاطين بكل أنواع الابتذال والاستهلاك اليومي لكل ما كان له محتوى ومعنى في حياتنا السابقة، من فنون وآداب وحياة اجتماعية راقية، وتبادل أفكار ونقاشات وفعاليات لها قيمتها العالية، وتضفي الجديد والمفيد من المعارف والعلوم، لكن حين انحازت الحياة الجديدة لصناعة السخف والتفاهة، توارى الناس الجميلون والفاعلون والمبدعون والمؤثرون في الحراك الاجتماعي، وظهر البديل الجاهل والفارغ، والذي تدعمه بعض مؤسسات المجتمع، وتخدمه وسائل الإعلام، فقط لأنه «ترند»، ولأن متابعيه بالألوف المؤلفة، وهم على شكله وشاكلته، هذا الذي سيسمى من الآن من المؤثرين في وسائط التواصل الاجتماعي، رغم أننا نجهل حقيقة تأثيره، إلا فيما يصدّر من بضاعة بائرة كلها غث، وشبيهة بزَبَد البحر، هذا المؤثر «اجتماعياً وإعلامياً» كما يقال عنه، لو تصور صباحاً مع فنجان قهوة باردة، وقطعة «كرواسان» بائتة، فستحظى مشاركته من المتابعين على مئات الألوف من كلمات الإطراء والإعجاب والمشاركة و«إعادة التدوير»،…